وليس بالوجه: لما ثبت من الإذن بما يقرأ الناس على الإطلاق نصا وتقريرا وإجماعا، فكان الأخذ بهما، والتقرير عليهما، بمنزلة ورودهما.
أقصى ما هناك ان الواقع أحدهما، كما في كل خطابين متعارضين، وكما أنهم خيرونا في المتعارضين لرفع الحيرة، مع أن الواقع أحدهما، لاستحالة تناقضه كذلك ما كان بمكانتهما. والمعروف بين القوم أن القراءتين بمنزلة آيتين، نطق بهما الكتاب، فإذا كان اختلافهما مفضيا إلى الاختلاف في الحكم، عملوا بما يقتضيه ذلك النحو من الاختلاف، فخصصوا إحداهما بالأخرى، وقيدوا، كما خصصوا قراءة الأكثرين (حتى يطهرن) بالتخفيف بقراءة بعضهم بالتشديد، وإن كان بالتنافي عملوا بمقتضاه من التخيير، كما هو المعروف، أو التساقط، كما ذهب إليه بعضهم، ولهم في ذلك مذهب آخر غريب منهم، انتهى موضع الحاجة من كلامه (قدس سره).
وأنت ترى أن قوله: والمعروف بين القوم أن القراءتين بمنزلة آيتين إلى آخر ما ذكرنا منه (قدس سره) نص في فرض الكلام، بعد اعتبارهما في ظاهريهما، فاستظهار القول بالتخيير يكون قويا.
وأما القولان الآخران، أعني التوقف، أو التساقط رأسا، فيحتملهما قوله: أو التساقط، ويظهر نسبة القولين المذكورين - أعنى التخيير، أو التساقط - إلى القوم في المقام المفروض، الداخل فيما نحن فيه، واختيار القول بالتخيير - حينئذ - من المحقق النراقي (1) أيضا ناسبا التخيير إلى أبيه (قدس سره) أيضا.