ويظهر من المحقق القمي () (قدس سره) ذلك أيضا، أي وجود القولين المذكورين في المقام المفروض في مسألة تواتر القراءات، فإن كلامه مطلق غير مقيد بالتخيير، أو التساقط، من حيث التلاوة، فيدل بإطلاقه على وجود القولين من حيث التلاوة، ومن حيث الاستدلال أيضا، فراجع.
ثم أقول: إن الظاهر من المحكي من العلامة (1) (قدس سره) أنه (قدس سره) رجح بالسلامة من الإمالة والإشمام، تلاوة إحدى القراءتين على الأخرى، لا جواز الاستدلال بإحداهما دون أخرى، فإن كلامه المحكي عنه إن أحب القراءات إلي قراءة عاصم بطريق أبي بكر وقراءة حمزة.
هذا، ثم إنه تظهر الثمرة بين القولين الأخيرين، أعني التوقف، والتساقط رأسا، فيما إذا كان مقتضى الأصلين كلاهما، مخالفين للأصل، كأن يكون مقتضى أحدهما الوجوب، ومقتضى الآخر التحريم، فعلى التوقف يتساقط الأصلان في إثبات شيء من مؤداهما المطابقيين، لكنهما معا دليل على نفي الثالث أعني الإباحة، وعلى التساقط يفرضان كأن لم يكونا، ويعمل على ما يقتضيه الأصول العملية في المقام من التخيير، أو اختيار احتمال التحريم، إذا علم بثبوت أحدهما واقعا إجمالا، وإلا فيرجع إلى أصالة البراءة، ويحكم بالإباحة وأما فيما إذا كان أحدهما موافقا للأصل العملي، فلا ثمرة بين القولين حينئذ:
أما على القول بالتوقف فواضح، إذ قد عرفت أن مقتضاه عدم الرجوع إلى ثالث، فيعمل بمقتضى الأصل العملي في مؤداهما، فيؤخذ بما وافق الأصل، من الأصلين المتعارضين، بمعنى أنه يعمل على طبقه، لا أنه يجعله دليلا على إثبات مؤداه واقعا.
وأما على القول الآخر، فلأن فرضهما كأن لم يكونا يقتضي الأخذ بما يقتضيه الأصل العملي، والمفروض أنه موافق لأحدهما، فيؤخذ بمقتضاه، ويعمل على طبقه.