ذلك على إطلاقه محل نظر، رجح العلامة القراءتين المذكورتين، لظهور المرجح بالسلامة مما استقامت ألسنة الفصحاء على خلافه في الإمالة والإشمام ونحوهما، فيجب الأخذ بما تقتضيانه دون ما عداهما، وأراد بالقراءتين قراءة عاصم، وقراءة حمزة ().
وأنت خبير بأن السلامة من مثل الإمالة والإشمام لا توجب الترجيح في مقام الاستدلال على الحكم الفرعي، بعد فرض كون القراءتين متواترتين، كما هو ظاهر قوله بمنزلة خطابين متعارضين، فإن الظاهر منه أنه أراد بالخطابين الآيتين المتواترتين، مع أنه لا يختلف المعنى باختلاف القراءة من حيث الإشمام والإمالة وعدمهما، كما لا يخفى.
والظاهر أن نظر العلامة (قدس سره) في الترجيح إلى بعض ما يترتب على القرآن غير الاستدلال على الحكم من الأحكام الفرعية الثابتة له، كالقراءة في الصلاة، وأمثال ذلك مما يكون نفس القراءة فيه موضوعا للحكم، لا طريقا إليه، وهو ترجيح في محله - على تقدير كون الإمالة - مثلا من منافيات الفصاحة، لأن الأفصح من آيات القرآن أولى بترتب آثار القرآنية عليه، فتأمل.
نعم لو تبين أن القراءات السبع مطلقا، أو عند التعارض فيما يختلف فيه الحكم الشرعي غير متواترة، كانت السلامة من مثل الإمالة مرجحة.
هذا ما عرفت في تعارض القراءات، ولكن القول بالتخيير مع التكافؤ لم نجد قائلا به في تعارض الأحوال المتكافئة، كما أشرنا إليه سابقا.
الثاني: من الاحتمالات، أو الأقوال إلحاقها بالأصول العلمية المتعارضة في الحكم بالتساقط مطلقا، حتى في نفي الثالث، وقد ينزل عليه ما سمعت عن بعض العامة، كما هو الظاهر، مع احتمال أن يكون المراد التساقط في مورد التعارض، لا مطلقا، حتى في نفي الثالث أيضا الذي يتفقان فيه.
الثالث: التوقف بمعنى تساقطهما في إثبات شيء من مورديهما لا مطلقا.
وهذا الاحتمال الأخير مما نسب إلى بعض العامة، كما عرفت فإن المنسوب إليهم في تعارض القراءات التساقط، وهو لما كان محتملا لكل واحد من الاحتمالين الأخيرين، وهما الثاني والثالث، وإن كان أولهما أظهر، فلذا جعلنا الاحتمالات أو الأقوال ثلاثة، بناء على دخول النزاع في القراءات فيما نحن فيه - كما عرفت -.