وتظهر الثمرة بين الاحتمال الثاني، وبين الثالث فيما إذا كان الأصل مخالفا لكلا الظاهرين، بأن يكون أحد الخطابين دالا على الوجوب والآخر دالا على التحريم، إذ على الأول منهما يرجع إلى الإباحة التي هي مخالفة للأمرين، وعلى الثاني وهو الثالث لا يجوز التعدي عن كليهما معا، بل يجب العمل بأصل موافق لأحدهما دون المخالف لهما.
وأما فيما إذا كان الأصل موافقا لأحدهما فلا ثمرة بين الاحتمالين، إذ على التقديرين يجب العمل بهذا الأصل.
أما على الاحتمال الثاني فلانحصار الأصل الذي يرجع إليه عند تساقطهما وفرضهما كأن لم يكونا.
وأما على الثالث فواضح.
ثم إني بعد ما تلقيت منه (دام عمره) ما نقله عن السيد المتقدم، وجدت كتاب المحصول () للسيد المذكور (قدس سره) فراجعت كلامه في مسألة تواتر القراءات، فوجدت كلامه - ثمة - صريحا في وجود القول بالتخيير، وبالتساقط في مقام الاستدلال بالقراءتين المختلفين بعد فرض اعتبارهما من حيث الصدور، وجعلهما بمنزلة آيتين، فإنه (قدس سره) بعد ذكره أدلة الطرفين على تواتر القراءات وعدمه قال:
وثمرة هذا البحث تقع في مقامين.
أحدهما: التلاوة.
والثاني: استنباط الأحكام.
والخطب في الأول سهل لتخيير التالي بعد الإعراض عن الشاذ المفروض كما عرفت.
وأما الثاني: فالوجه - بناء على ما نطقت به أخبارنا - من أن القرآن أمر واحد - وهو التخيير أيضا، فإنهما بمنزلة خطابين متعارضين، غير أنه لا بد هاهنا من الترجيح أولا، والأخذ بالراجح، وإنما يتخير بعد التكافؤ، وقد رجح العلامة (قدس سره) قراءة عاصم بطريق أبي بكر، وقراءة حمزة، وكأنه للسلامة مما استقامت ألسنة بعض على خلافه، من الإمالة والإشمام ونحوهما وأنه المرجح.
وأوجب صاحب الوافية (1) التوقف، فيما لم يرد تقريره () عنهم عليهم السلام.