أما قولك يا أمير المؤمنين: حسدا، فقد حسد إبليس آدم، فأخرجه من الجنة، فنحن بنو آدم المحسود. وأما قولك: ظلما، فأمير المؤمنين يعلم صاحب الحق من هو! ثم قال: يا أمير المؤمنين، ألم تحتج العرب على العجم بحق رسول الله صلى الله عليه وآله، واحتجت قريش على سائر العرب بحق رسول الله! فنحن أحق برسول الله من سائر قريش! فقال له عمر: قم الآن فارجع إلى منزلك! فقام، فلما ولى هتف به عمر: أيها المنصرف إني على ما كان منك لراع حقك! فالتفت ابن عباس فقال: إن لي عليك يا أمير المؤمنين وعلى كل المسلمين حقا برسول الله صلى الله عليه وآله فمن حفظه فحق نفسه حفظ، ومن أضاعه فحق نفسه أضاع، ثم مضى! فقال عمر لجلسائه: واها لا بن عباس ما رأيته لاحى أحدا قط إلا خصمه)! انتهى.
أقول: لابن عباس رحمه الله عدة محاورات مع عمر من نوع هذه المحاورة، روتها المصادر، وقد روى هذه المحاورة أو جزء منها: (جمهرة الأمثال للعسكري: 1 / 339، والعقد الفريد ص 1378، ونثر الدرر للآبي ص 238، وجمهرة أشعار العرب للقرشي ص 29، ونضرة الإغريض في نصرة القريض للمظفر بن الفضل ص 105. وفي هامش المراجعات للسيد شرف الدين ص 395: (نقلناه من التاريخ الكامل لابن الأثير بعين لفظه، وقد أورده في آخر سيرة عمر من حوادث سنة 23 ص 24 من جزئه الثالث، وأوردها علامة المعتزلة في سيرة عمر أيضا ص 107 من المجلد الثالث من شرح نهج البلاغة. وفي هامش مواقف الشيعة للأحمدي: 1 / 154: (ابن أبي الحديد: 12 / 52، والإيضاح ص 169، والبحار: 8 ط الكمباني ص 292 عن ابن الأثير وابن أبي الحديد. وفي هامش المناظرات في الإمامة ص 74: شرح النهج لابن أبي الحديد: 12 / 52، تاريخ الطبري: 4 / 223، الكامل لابن الأثير: 3 / 62 (في حوادث سنة 23)، الإيضاح لابن شاذان ص 87. وفي هامش مجلة تراثنا عدد 58 ص 88: شرح نهج البلاغة: 12 / 5، قصص العرب: 2 / 6، الكامل في التاريخ: 6 / 288).
* *