بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات، وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس، ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات، ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر، ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد). (البقرة: 252 - 253).
وقد كان أمير المؤمنين عليه السلام يتعجب من هذا الهبوط الذي كشف عنه موت النبي صلى الله عليه وآله حتى بميزان عادي، فضلا عن ميزان النص النبوي وبيعة الغدير، فيقول: (ألا إن العجب كل العجب من جهال هذه الأمة وضلالها وقادتها وساقتها إلى النار، لأنهم قد سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول عودا وبدءا: ما ولت أمة رجلا قط أمرها وفيهم أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا! فولوا أمرهم قبلي ثلاثة رهط ما منهم رجل جمع القرآن، ولا يدعي أن له علما بكتاب الله ولا سنة نبيه! وقد علموا يقينا أني أعلمهم بكتاب الله وسنة نبيه وأفقههم وأقرؤهم لكتاب الله، وأقضاهم بحكم الله. وأنه ليس رجل من الثلاثة له سابقة مع رسول الله صلى الله عليه وآله ولا غناء معه في جميع مشاهده، فلا رمى بسهم ولا طعن برمح ولا ضرب بسيف، جبنا ولؤما ورغبة في البقاء). (كتاب سليم ص 247).
وكان عليه السلام يعتبر أن دفعة الإيمان التي شهدتها الأمة في انتفاضها على عثمان وبيعته عليه السلام، كانت استثناء من ذلك بتدبير إلهي، ليدخل في تاريخها وثقافتها مشروع عترة النبي صلى الله عليه وآله وقتالهم على التأويل، تكميلا لقتاله صلى الله عليه وآله على التنزيل!
10 - هذه الأمور تعني أن أمير المؤمنين عليه السلام حقق في مدة حكمه القصيرة رغم الحروب الثلاث التي شنت عليه، إنجازا غير عادي!
فقد قدم للأمة المشروع الذي أوكله اليه النبي صلى الله عليه وآله في تصحيح الانحراف وقتال الناكثة والقاسطة والمارقة. وأعاد بذلك الحيوية والزخم الديني للإسلام، فثبت في الأمة كدين من عند الله، ودخل عمله في تاريخها وثقافتها، فصار