ويتعلمون لغير العمل، ويطلبون الدنيا بأعمال الآخرة!
ثم أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصته وشيعته، فقال: قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين لخلافه، ناقضين لعهده، مغيرين لسنته، ولو حملت الناس على تركها وحولتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، لتفرق عني جندي حتى أبقى وحدي! أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله! أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم عليه السلام فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، ورددت فدك إلى ورثة فاطمة عليها السلام..... إلى أن قال عليه السلام: والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة، وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي: يا أهل الإسلام غيرت سنة عمر! ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعا! ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري! ما لقيت من هذه الأمة من الفرقة وطاعة أئمة الضلالة والدعاة إلى النار). (الكافي: 8 / 59).
8 - وكان باستطاعة علي عليه السلام أن يستعمل أسلوب معاوية وعثمان، وأبي بكر وعمر، في إجبار الناس وتخويفهم، والتميز بينهم في العطاء، واستمالة رؤساء القبائل بالمال، وترويضهم بالإذلال، وبذلك يحكم قبضته على العالم الإسلامي الذي كان بيده ما عدا الشام، ويعطي معاوية مطلبه فيجعله حاكم الشام من قبله مدى حياته، ثم يدبر قتله بعد شهور!
ولعلي من شخصيته وشجاعته وعلمه وتاريخه، كل المقومات التي تجعل اسمه مرعبا للناس كحاكم، كما كان صوته مرعبا للأبطال!
ولو فعل علي ذلك، لخضعت له العرب والعجم، وكان إمبراطورا دونه أبهة كسرى وقيصر! ولرأيت كل المنافقين المعترضين عليه، والمعارضين الطامعين في الحكم إمعات متزلفين له، آخذين بالركاب، أو مقتولين تحت التراب!