مصابروها، وأهل التشمير فيها الذين لا يتوجدون من سهر ليلهم ولا ظمأ نهارهم، ولا فقدان أولادهم ولا نساءهم! فأقامت طائفة منكم معدة، وطائفة دخلت المصر عاصية، فلا من دخل المصر عاد إلي، ولا من أقام منكم ثبت معي ولا صبر، فلقد رأيتني وما في عسكري منكم خمسون رجلا، فلما رأيت ما أنتم عليه دخلت عليكم فما قدر لكم أن تخرجوا معي إلى يومكم هذا!
لله أبوكم ألا ترون إلى مصر قد افتتحت، وإلى أطرافكم قد انتقصت، وإلى مسالحكم ترقى، وإلى بلادكم تغزى، وأنتم ذووا عدد جم، وشوكة شديدة، وأولوا بأس قد كان مخوفا! لله أنتم أين تذهبون، وأنى تؤفكون، ألا وإن القوم قد جدوا وتآسوا وتناصروا وتناصحوا، وإنكم قد أبيتم وونيتم وتخاذلتم وتغاششتم، ما أنتم إن بقيتم على ذلك سعداء، فنبهوا رحمكم الله نائمكم، وتجردوا وتحروا لحرب عدوكم، فقد أبدت الرغوة عن الصريح، وأضاء الصبح لذي عينين، فانتبهوا إنما تقاتلون الطلقاء وأبناء الطلقاء، وأهل الجفاء ومن أسلم كرها، وكان لرسول الله آنفا وللإسلام كله حربا! أعداء السنة والقرآن، وأهل البدع والإحداث، ومن كانت نكايته تتقى، وكان على الإسلام وأهله مخوفا، وآكلة الرشا، وعبيد الدنيا!
ولقد أنهي إلي أن ابن النابغة لم يبايع معاوية حتى شرط له أن يؤتيه أتية هي أعظم مما في يديه من سلطانه، فصفرت يد هذا البائع دينه بالدنيا، وخزيت أمانة هذا المشتري بنصرة فاسق غادر بأموال المسلمين، وأي سهم لهذا المشتري بنصرة فاسق غادر، وقد شرب الخمر وضرب حدا في الإسلام، وكلكم يعرفه بالفساد في الدين وإن منهم من لم يدخل في الإسلام وأهله حتى رضخ له عليه رضيخة! فهؤلاء قادة القوم، ومن تركت لكم ذكر مساوية أكثر وأبور! وأنتم تعرفونهم بأعيانهم وأسمائهم كانوا على الإسلام ضدا، ولنبي الله صلى الله عليه وآله حربا، وللشيطان حزبا، لم يقدم إيمانهم ولم يحدث نفاقهم!
وهؤلاء الذين لو ولوا عليكم لأظهروا فيكم الفخر والتكبر، والتسلط بالجبرية،