قال: فأقبل الضحاك يأخذ الأموال ويقتل من لقي من الأعراب، حتى مر بالثعلبية فأغار خيله على الحاج فأخذ أمتعتهم، ثم أقبل فلقي عمرو بن عميس بن مسعود الذهلي، هو ابن أخي عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله فقتله في طريق الحاج عند القطقطانة، وقتل معه ناسا من أصحابه!
قال أبو روق: فحدثني أبي أنه سمع عليا عليه السلام وقد خرج إلى الناس وهو يقول على المنبر: يا أهل الكوفة أخرجوا إلى العبد الصالح عمرو بن عميس وإلى جيوش لكم قد أصيب منها طرف، أخرجوا فقاتلوا عدوكم وامنعوا حريمكم إن كنتم فاعلين. قال: فردوا عليه ردا ضعيفا ورأى منهم عجزا وفشلا، فقال: والله لوددت أن لي بكل مائة منكم رجلا منهم، ويحكم أخرجوا معي ثم فروا عني إن بدا لكم! فوالله ما أكره لقاء ربي على نيتي وبصيرتي، وفي ذلك روح لي عظيم وفرج من مناجاتكم ومقاساتكم ومداراتكم مثل ما تدارى البكار العمدة (الناقة المجروح سنامها) والثياب المتهترة، كلما خيطت من جانب تهتك على صاحبها من جانب آخر!!
ثم نزل فخرج يمشي حتى بلغ الغريين، ثم دعا حجر بن عدي الكندي من خيله فعقد له ثم راية على أربعة آلاف ثم سرحه، فخرج حتى مر بالسماوة وهي أرض كلب، فلقي بها امرؤ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم الكلبي، أصهار الحسين بن علي بن أبي طالب صلى الله عليه وآله، فكانوا أدلاءه على طريقه وعلى المياه، فلم يزل مغذا في أثر الضحاك حتى لقيه بناحية تدمر، فواقفه فاقتتلوا ساعة فقتل من أصحاب الضحاك تسعة عشر رجلا، وقتل من أصحاب حجر رجلان، عبد الرحمن وعبد الله الغامدي، وحجز الليل بينهم فمضى الضحاك فلما أصبحوا لم يجدوا له ولأصحابه أثرا). (أيضا: تاريخ الطبري: 4 / 103) * *