كتابه، تبعثون منكم رجلا ترضون به ونبعث منا رجلا، ثم نأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله لا يعدوانه، ثم نتبع ما اتفقا عليه!
فقال له الأشعث بن قيس: هذا الحق، فانصرف إلى علي فأخبره بالذي قال معاوية، فقال الناس: فإنا قد رضينا وقبلنا. فقال أهل الشام: فإنا قد اخترنا عمرو بن العاص، فقال الأشعث وأولئك القوم الذين صاروا خوارج بعد: فإنا قد رضينا بأبي موسى الأشعري. قال علي: فإنكم قد عصيتموني في أول الأمر فلا تعصوني الآن! إني لا أرى أن أولي أبا موسى! فقال الأشعث وزيد بن حصين الطائي ومسعر بن فدكي: لا نرضى إلا به فإنه ما كان يحذرنا وقعنا فيه. قال علي: فإنه ليس لي بثقة قد فارقني وخذل الناس عنى ثم هرب مني حتى آمنته بعد أشهر، ولكن هذا ابن عباس نوليه ذلك. قالوا: ما نبالي أنت كنت أم ابن عباس، لا نريد إلا رجلا هو منك ومن معاوية سواء، ليس إلى واحد منكم بأدنى منه إلى الآخر!
فقال علي: فإني أجعل الأشتر، قال أبو محنف حدثني أبو جناب الكلبي أن الأشعث قال: وهل سعر الأرض غير الأشتر! قال أبو محنف عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه أن الأشعث قال: وهل نحن إلا في حكم الأشتر؟ قال علي: وما حكمه؟ قال: حكمه أن يضرب بعضنا بعضا بالسيوف حتى يكون ما أردت وما أراد! قال: فقد أبيتم إلا أبا موسى؟! قالوا: نعم، قال: فاصنعوا ما أردتم)!!
وفي الطبري: 4 / 40: (أن عليا قال للناس يوم صفين: لقد فعلتم فعلة ضعضعت قوة، وأسقطت منة، وأوهنت وأورثت وهنا وذلة، ولما كنتم الأعلين وخاف عدوكم الاجتياح، واستحر بهم القتل ووجدوا ألم الجراح، رفعوا المصاحف ودعوكم إلى ما فيها ليفتؤوكم عنهم، ويقطعوا الحرب فيما بينكم وبينهم، ويتربصوا ريب المنون خديعة ومكيدة، فأعطيتموهم ما سألوا، وأبيتم إلا أن تدهنوا وتجوزوا! وأيم الله ما أظنكم بعدها توافقون رشدا، ولا تصيبون باب حزم)!!