قالوا له: إن عبد الله بن عمر وسعد بن وقاص وأسامة بن زيد تخلفوا عن بيعته، واستأذنه عمار بن ياسر أن يأتي بهم ليجبرهم على البيعة كما جرت سنة قريش! فقال له: (دع عنك هؤلاء الرهط الثلاثة، أما ابن عمر فضعيف في دينه، وأما سعد بن أبي وقاص فحسود، وأما محمد بن مسلمة فذنبي إليه أني قتلت قاتل أخيه، مرحبا يوم خيبر). (المعيار والموازنة للإسكافي ص 108).
* * وكان علي عليه السلام الخليفة الوحيد، الذي أعطى الحرية لمعارضيه وناقديه والعاملين ضده، ولم ينقص من حقوقهم من بيت المال ولا غيره شيئا، حتى لو دعوا إلى الخروج عليه والثورة، ما لم يباشروا في ذلك!
(كان عليه السلام جالسا في أصحابه، فمرت بهم امرأة جميلة فرمقها القوم بأبصارهم! فقال عليه السلام: إن أبصار هذه الفحول طوامح، وإن ذلك سبب هبابها، فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه فليلامس أهله، فإنما هي امرأة كامرأة!
فقال رجل من الخوارج: قاتله الله كافرا ما أفقهه! فوثب القوم ليقتلوه، فقال عليه السلام: رويدا، إنما هو سب بسب، أو عفو عن ذنب). (نهج البلاغة: 4 / 98) وبهذه الحرية التي أعطاها أمير المؤمنين عليه السلام لخصومه، فضح القرشيين الذين بطشوا بالناس للتهمة والظنة، وقتلوهم على الكلمة، وجعلوا رئيس الدولة أعظم حرمة من الله تعالى ورسله!
* * وكان علي عليه السلام الخليفة الوحيد الذي لم يجبر أحدا من المسلمين على الحرب معه، بل ندب المسلمين إلى نصرته، وأوضح لهم حقه وباطل أعدائه، فاستجاب له من أراد، وتخلف عنه من أراد! ولم ينقص من حقوقهم شيئا!
ففضح بذلك سياسة إجبار الناس على القتال، التي وجدت قبل حكمه، ثم