والى الآن لم يستطع قانوني ولا فقيه أن يبين الوجه الشرعي لعمل عمر هذا!
* * أما الذين كان يثق عمر بأمانتهم من قادة الفتوحات وعمال الأمصار، فهم شيعة علي عليه السلام! كعمار، وسلمان، وحذيفة، وخالد بن سعيد بن العاص الأموي وأخيه أبان، وعثمان بن حنيف، وهاشم المرقال، وعمرو بن الحمق، والأشتر، وغيرهم من القادة الفرسان، فهؤلاء فوق التهمة وليس عندهم ما يقاسمهم إياه!
نعم، ذكرت المصادر اثنين من الحكام خصهما عمر بالإعفاء من مصادرة نصف أموالهما، هما معاوية الأموي وقنفذ العدوي! أما معاوية فكان الوحيد من بين أصدقائه وأولاده، الذي لم يوبخه عمر يوما على أعماله ولم يحاسبه على أمواله! وكان يعجبه بذخه ويقول هذا كسرى العرب! (أسد الغابة: 4 / 386) وأما قنفذ العدوي، فلم يحاسبه عمر لأنه كلفه بمهمة خاصة جدا لا يجسر عليها أحد من المسلمين، فنفذها، وكان معروفا بالقسوة! (فقال العباس لعلي: ما ترى عمر منعه من أن يغرم قنفذا كما أغرم جميع عماله؟ فنظر علي إلى من حوله ثم اغرورقت عيناه بالدموع ثم قال: شكر له ضربة ضربها فاطمة بالسوط، فماتت وفي عضدها أثره كأنه الدملج! ثم قال عليه السلام: العجب مما أشربت قلوب هذه الأمة من حب هذا الرجل وصاحبه من قبله، والتسليم له في كل شئ أحدثه! لئن كان عماله خونة وكان هذا المال في أيديهم خيانة ما كان حل له تركه، وكان له أن يأخذه كله فإنه فيئ المسلمين، فما له يأخذ نصفه ويترك نصفه؟! ولئن كانوا غير خونة فما حل له أن يأخذ أموالهم ولا شيئا منهم قليلا ولا كثيرا، وإنما أخذ أنصافها. ولو كانت في أيديهم خيانة ثم لم يقروا بها ولم تقم عليهم البينة ما حل له أن يأخذ منهم قليلا ولا كثيرا! وأعجب من ذلك إعادته إياهم إلى أعمالهم! لئن كانوا خونة ما حل له أن يستعملهم، ولئن كانوا غير خونة ما حلت له أموالهم). (كتاب سليم ص 223).