وإذا أتى المسلم إليه بالمسلم فيه قبل محل محله نظر فإن كان مما يفسد إلى وقت محله مثل الفواكه الرطبة وما أشبهها لا يجبر على قبضه لأن المسلم يجوز أن يكون له غرض في قبضه في محله وإن كان ذلك حيوانا فلا يلزمه أيضا قبضه لمثل ذلك وإن كان مما لا يتلف إلى محله نظر فإن كان مما لا يحتاج إلى مكان يحفظ فيه مثل القطن والطعام لم يلزمه قبوله لمثل ذلك وإن كان مما لا يحتاج إلى موضع كثير يحفظ فيه مثل حديد أو رصاص فإن كان الوقت مخوفا يخاف عليه لا يلزمه أيضا، وإن كان الوقت أمنا لا يخاف عليه لا يلزمه أيضا لمثل ما قلناه، وقيل في هذا خاصة: إنه يلزمه لأنه لا عرض في الامتناع من قبوله، وإذا شرط مكان التسليم فبذله في غير موضعه لا يجبر على قبوله وإن بذل له أجرة المثل لحمله لم يلزمه أيضا فإن كان رضي به كان جايزا إذا أخذ المسلم السلم ثم وجد به عيبا كان له رده بالعيب والمطالبة بما في ذمته وكان له إمساكه والرضى بعيبه فإن حدث فيه عيب بطل الرد وكان له الأرش ومتى رضي به فقد تعين بقبضه وإن رده فقد انفسخ القبض الذي تعين به وعاد السلم إلى الذمة كما كان ولزمه دفعه على صفته من غير عيب وأما إذا وجد المسلم إليه فيما قبضه من رأس المال عيبا كان الحكم فيه كما ذكرناه في الصرف إذا وجد أحدهما بما قبضه عيبا من أنه لا يخلو من أن يكون معينا بالعقد أو موصوفا ثم قبضه في المجلس ولا يخلو المعيب من أن يكون من جنسه أو من غير جنسه قبل التفرق أو بعد التفرق لأن قبض رأس المال شرط في المجلس كقبض الصرف وإذا اختلفا في قبض رأس المال فقال أحدهما: كان القبض قبل التفرق فلم يبطل السلم وقال الآخر: كان بعده فالسلم باطل كان القول قول من يدعي صحة العقد لأن الأصل بقاء العقد على صحته، وإن أقاما جميعا البينة كانت البينة من يدعي الصحة في العقد وإن كان الثمن في يد المسلم فقال المسلم إليه: قبضته قبل الافتراق ثم رددته إليك
(١٩٢)