أو عدم التمكن منها، ومقتضى ذلك ثبوت ما علم ها هنا من حكم الحرة مع الاستطاعة للأمة بدونها، فإن المفهوم من جعل شئ بدلا عن آخر بعد بيان حكمته قصد إثبات ذلك الحكم بعينه عند انتفائه للبدل، وحيث إن المستفاد من قوله تعالى بعد ذكر المحرمات من النساء: " وأحل لكم ما وراء ذلكم " (1) هو جواز نكاح الحرة مجردا عن وصف الرجحان والوجوب ولو من جهة العموم فينبغي أن يكون ذلك هو حكم الأمة التي هي بدل عنها، فكأنه قيل: أحل لكم نكاح الحرائر من النساء، ومن لم يستطع نكاحهن فلينكح من الإماء، فيكون المستفاد منه الجواز لا الرجحان، ولا ينافيه رجحان نكاح الحرة من دليل آخر، على أن سوق الآية لوقوعها بعد ذكر ما يحرم ويحل يقتضي أن المقصود بيان حكم الأمة من حيث الحل والحرمة دون الرجحان وعدمه، بل إرادته منافية لقوله تعالى: " وإن تصبروا خير " فإن المعنى كما ستعرف أن الصبر على ترك نكاح الأمة مع وجود الشرطين خير من نكاحها، وهو صريح في رجحان الترك، فلا يصح الحمل على رجحان الفعل المضاد له.
ولعل هذا أولى من الجواب عن ذلك، بأن استفادة الرجحان فرع تقدير الأمة وإرادة الطلب، وهو غير متعين، لاحتمال أن يكون المقدر ما يقتضي مجرد الجواز والإباحة، بل هو أولى، لأنه متيقن بخلاف الأمر، فإنه يتضمن شيئا زائدا على الجواز، وهو مشكوك فيه، فيجب نفيه بالأصل، إذ يمكن المناقشة فيه بأن مخالفة الأصل لازمة على تقدير الجواز أيضا، فإن الأصل عدم التحريم مع فقد الشرطين، بل المخالفة على هذا التقدير أظهر كما لا يخفى.
وأولى من الجواب بأن رفع الرجحان الذي هو بمنزلة الفصل يستلزم رفع الجنس الذي هو رفع الجواز على ما هو التحقيق، وفيه أنه يقتضي رفع الحصة المعينة من الجواز التي تقوم بها الرجحان، لا ارتفاع الجواز مطلقا كما هو المطلوب.