والشافعي وأحمد وإسحاق والقاسم بن محمد وسليمان بن يسار وسالم بن عبد الله ونحوهم من كبار العامة، غير صريحة في المخالفة باعتبار احتمالها الأبكار التي لم يحصل لهن رشد في أمر النكاح وإن بلغن بالعدد ورشدن في حفظ المال، أو النهي كراهة عن الاستبداد وعدم الطاعة والانقياد، خصوصا الأب الذي هو غالبا أنظر لها، وأعرف بالأمور منها، وأدعى لما يصلحها، وهو المتكلف بأمورها، وبالخصومة مع زوجها لو حدث بينهما نزاع وشقاق، فالذي يليق بها إيكال أمرها إليه كما هو الغالب والمعتاد في الأبكار من تبعية رضاهن لرضا الوالد ولو بالسكوت عند نقله، ولذا لا يستأمرها خصوصا بعد أن كان إذنها صماتها.
وربما أومأ إلى ذلك ما في جملة منها من نفي الأمر لهن إذا كن بين الأبوين بعد العلم بعدم ولاية للأم عندنا، كقول أحدهما عليه السلام في خبر ابن مسلم (1): " لا تستأمر الجارية إذا كانت بين أبويها، ليس لها مع الأب أمر، وقال: يستأمرها كل أحد ما عدا الأب " وقول الصادق عليه السلام في خبر إبراهيم بن (2) ميمون: " إذا كانت الجارية بين أبويها فليس لها مع أبويها أمر " وقوله عليه السلام أيضا في خبر الفضل بن عبد الملك (3): " لا تستأمر الجارية التي بين أبويها إذا أراد أبوها أن يزوجها هو أنظر لها " بل لعل الظاهر من استئمار غير الأب لها أن لها أمرا وإذنا.
ومن ذلك يظهر الوجه في خبري العلا بن رزين (4) وابن أبي يعفور (5) عن أبي عبد الله عليه السلام " لا تتزوج ذوات الآباء من الأبكار إلا بإذن آبائهن " بل لعل النهي فيه إرشاد باعتبار مخالفته لمذهب العامة، وما فيه من العار والغضاضة التي هي مظنة إثارة الفتن، كما أومأ إليه خبر المهلب السابق، بل وخبر إسماعيل (6)