أبي جعفر عليه السلام قال: " جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدخلت عليه وهو منزل حفصة والمرأة متلبسة ممشطة، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وآله إن المرأة لا تخطب الزوج، وأنا امرأة أيم لا زوج لي منذ دهر، ولا لي ولد، فهل لك من حاجة؟ فإن تك فقد وهبت نفسي لك إن قبلتني، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: خيرا ودعا لها، ثم قال: يا أخت الأنصار جزاكم الله عن رسول الله صلى الله عليه وآله خيرا فقد نصرني رجالكم ورغبت في نساؤكم، فقالت لها حفصة:
ما أقل حياءك وأجرأك وأنهمك للرجال؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: كفي عنها يا حفصة، فإنها خير منك، رغبت في رسول الله صلى الله عليه وآله فلمتيها وعبتيها، ثم قال للمرأة:
انصرفي رحمك الله، فقد أوجب الله لك الجنة لرغبتك في وتعريضك بمحبتي وسروري، وسيأتيك أمري إن شاء الله، فأنزل الله عز وجل: وامرأة مؤمنة إلى آخره، فأحل الله عز وجل هبة المرأة نفسها لرسول الله صلى الله عليه وآله، ولا يحل ذلك لغيره ".
بل الظاهر أنه كما جاز وقوع الايجاب منها بلفظ الهبة كذلك جاز وقوع القبول منه لها، لاعتبار التطابق، خلافا لبعض العامة، فاشترط في القبول لفظ النكاح لظاهر قوله تعالى (1): " أن يستنكحها " ولا دلالة فيه بعد تحقق نكاحه بلفظ الهبة، فلا ريب في ضعفه، كضعف احتمال كون الذي من خواصه صلى الله عليه وآله النكاح بلا مهر مسمى ولا مهر المثل لا قبل الدخول ولا بعده، وذلك بهبة المرأة نفسها بالنسبة إلى ذلك، لا أن عقد النكاح يكون بلفظ الهبة أيضا، ضرورة مخالفته لما عند العامة والخاصة، بل ولظاهر الكتاب والسنة مع عدم ما ينافي ذلك.
(و) منها (وجوب التخيير لنسائه بين إرادته ومفارقته) لقوله تعالى (2):
" يا أيها النبي قل لأزواجك: إن كنتن " إلى آخره فإن السبب في نزولها ما حكاه في كنز العرفان عن تفسير ينسب إلى الصادق (3) عليه السلام " من أن النبي صلى الله عليه وآله لما حصل له