الغنائم من خيبر قالت له نساؤه: أعطنا من هذه الغنيمة، قال: قسمتها بين المسلمين بأمر الله، فغضبن وقلن لعلك تظن إن طلقتنا لم نجد زوجا من قومنا غيرك، فأمر الله باعتزالهن والجلوس في مشربة أم إبراهيم حتى حضن وطهرن، ثم أنزل الله هذه الآية " أو ما قيل (1) من أن أزواجه سألنه شيئا من عرض الدنيا وطلبن زيادة في النفقة وآذينه لغيرة بعضهن من بعض، فآلى رسول الله صلى الله عليه وآله منهن شهرا، فنزلت آية التخيير، وهي هذه، وكن يومئذ تسعة، فلما نزلت طلبهن وخيرهن في المفارقة والبقاء، فاخترنه.
نعم في المسالك هذا التخيير عند العامة القائلين بوقوع الطلاق بالكناية كناية عن الطلاق، وقال بعضهم: إنه صريح فيه، وعندنا ليس له حكم بنفسه، بل ظاهر الآية أن من اختارت الحياة الدنيا وزينتها يطلقها، لقوله تعالى (2): " وإن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها " إلى آخره، قلت: صريح الفاضل في القواعد ومحكي التحرير والشيخ في محكي المبسوط أن هذا التخيير كناية عن الطلاق، وهو من خواصه صلى الله عليه وآله، بل ظاهر كنز العرفان المفروغية من ذلك، حيث إنه تارة حكم به من غير إشارة إلى خلاف، وأخرى قال: اختلف في حكم التخيير على أقوال:
(الأول) إن الله عز وجل إذا خير فاختارت زوجها فلا شئ، وإن اختارت نفسها فهي تطليقة واحدة، وهو قول ابن مسعود وأبي حنيفة وأصحابه.
(الثاني) أنها إذا اختارت نفسها فهي ثلاث تطليقات، وإن اختارت زوجها وقعت واحدة، وهو قول زيد ومذهب مالك.
(الثالث) أنه إن نوى بالتخيير الطلاق كان طلاقا وإلا فلا، وهو مذهب الشافعي.
(الرابع) إنه لا يقع بذلك طلاق وإن كان ذلك من خواصه صلى الله عليه وآله، ولو اخترن