وقد تدفع إما بتنزيل كلمات الأصحاب وإن بعد على إرادة تقديم من اتفق عليه المأمومون من فاقدي الصفات أو الجامعين لها، وإما بامكان استفادتهم له مما دل (1) على كراهة إمامة من يكرهه المأمومون كما ستسمعها فيما يأتي، ومما عساه يشعر به خبر الحسين بن زيد (2) عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) في حديث المناهي قال:
(ونهى أن يؤم الرجل قوما إلا بإذنهم، وقال: من أم قوما بإذنهم وهم به رضوان فاقتصدهم في حضوره وأحسن صلاته بقيامه وقراءته وركوعه وسجوده وقعوده فله مثل أجر القوم، ولا ينقص من أجورهم شئ) والمروي (3) عن مستطرفات السرائر نقلا من كتاب أبي عبد الله السياري، قال: (قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام):
إن القوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة فيؤذن بعضهم ويتقدم أحدهم فيصلي بهم فقال: إن كانت قلوبهم كلها واحدة فلا بأس، قال: ومن لهم بمعرفة ذلك؟ قال:
فدعوا الإمامة لأهلها) إذ الظاهر إرادة اتحاد القلوب في الرضاء بالإمام كما اعترف به في الوسائل، وخبر زكريا صاحب السابري (4) عن أبي عبد الله (عليه السلام) (ثلاثة في الجنة على المسك الأذفر: مؤذن أذن احتسابا، وإمام أم قوما وهم به راضون، ومملوك يطيع الله ويطيع مواليه).
نعم قد يقال: إن المعتبر من اتفاق المأمومين إذا كان عن نظر ومعرفة واطمئنان في الشخص ونحو ذلك، لا إذا كان لأغراض دنيوية وشهرة سوادية ونحوهما مما لا يحتاج إلى بيان لمن له أدنى مراقبة وانتقاد في أفعال العباد، خصوصا السواد منهم، ومن غلبت عليهم شهواتهم حتى ألبست لهم الباطل زي الحق احتيالا منها بعقولهم، ومخافة هيجان أحزانهم ولم يعلموا أنها ينتقدها عليهم الخبير البصير الحكيم اللطيف الذي