في الأزمان المتطاولة، لكثرة دورانه بين الأعداد الحاصرة كالعشرة والعشرين والأنقص والأزيد، خصوصا بعد إيجاب القضاء عليه إلى غلبة الظن بالوفاء، فإن مرتبة العلم بعدها تحصل بأقل قليل، بل قد يمنع تحقق العسر والحرج في هذه التتمة أصلا، على أن عادة الأصحاب إطلاق الحكم المقيد بعدم التمكن أو العسر أو الحرج اتكالا على ما علم من العقل والنقل من سقوط التكاليف عندهما لا الاطلاق الموافق لمقتضاهما مع إرادتهم خروج صورة التمكن التي لا عسر وحرج فيها منه من غير إشارة في كثير من كلماتهم إليها، بل قضية تنزيل إطلاقهم الاكتفاء بالظن على ما سمعته من حال العسر والحرج في تحصيل العلم سقوط القضاء بالمرة لا وجوبه إلى أن يحصل الظن، إذ لا مدرك للسقوط حال العسر إلا كونه حينئذ كالمشتبه بغير المحصور الذي يسقط فيه خطاب المقدمة أصلا حتى الميسور منه أيضا، كما هو واضح.
فلا وجه - بناء على ما ذكرنا من إرادة العلم من غلبة الظن في كلامهم قديما وحديثا حتى نسب للقطع به في كلامهم، وربما حكي عن الغنية الاجماع عليه، كما أنه عساه يفهم من غيرها أيضا - للانكار عليهم بأنه لا دليل عليه من النصوص وغيرها، إذ هم حينئذ في غنية عنها بقاعدة توقف الشغل اليقيني على البراءة اليقينية المقتضية وجوب القضاء إلى أن يحصل العلم بالفراغ، ضرورة كون المقام من أفرادها وإن كانت الأفراد التي اشتبه فيها المكلف به مختلفة في القلة والكثرة، بل ينبغي القطع به فيما لو كان عالما بقدر الفوائت ثم نسيه فدار بين أفراد متعددة، إذ لا ريب حينئذ في بقاء الخطاب واقعا بذلك المنسي ولو من جهة الاستصحاب الذي لا يقطعه عروض النسيان بعد إمكان امتثاله باتيان عدد يعلم دخوله فيه، فالتمسك حينئذ بأصالة البراءة في نفي الزائد عن القدر المتيقن الذي هو القدر المشترك بين سائر الأفراد التي اشتبه فيها المكلف به لا وجه له قطعا، بل وكذا فيما لو لم يسبقه علم بالقدر بل كان اشتباهه فيه من أول الأمر لاجمال ما كلف