من المعلوم أولوية الفرائض منها بذلك، اللهم إلا أن يدعى انحلال ذلك في الفوائت إلى أوامر متعددة، ضرورة كون الفوات تدريجيا وإن كانت جميعها تندرج تحت الأمر بقضاء الفائت، فكل ما علم منها وجب امتثاله، ولا مدخلية له بغيره، وما شك فيه فالأصل براءة الذمة منه، خصوصا في مثل الصلاة التي قد ثبت عدم الالتفات إلى الشك فيها خارج وقتها، بل قد يدعى استمرار طريقة الأصحاب على التمسك بالأصل في أمثاله من الدوران بين الأقل والأكثر في الديون والصيام وغيرهما، وهو قوي جدا، لكن ظاهر أكثر الأصحاب بل صريح بعضهم كالشهيدين والفاضل المعاصر قدس سره في الرياض وعن غيرهم خلافه هنا، ولعله لما سمعت، وعليه بناء على ما عرفت من إرادتهم العلم بغلبة الظن يستغنى عن تطلب الدليل لذلك، أما لو كان المراد من ذلك الظن بمعنى أنه يكتفى بفعله القضاء وإن تمكن من العلم بسهولة كما سمعته سابقا من بعضهم فلا دليل عليه كما عرفت سوى ما يتوهم من الاتفاق الناشئ من هذا الاطلاق الذي هو كما ترى، والمرسل المروي في كتب الأصحاب من أن المرء متعبد بظنه الذي لا ينبغي الاعتماد عليه في مثل المقام المقتضي لهدم القاعدة المزبورة على أي حال كانت، كخبر إسماعيل (1) عن الصادق (عليه السلام) (سألته عن الصلاة تجتمع علي قال: تحر واقضها) إذ هو - مع احتماله النافلة أيضا، بل ظهوره بقرينة السائل، خصوصا بعد تعبيره في السؤال بما يظهر منه وقوع ذلك منه غير مرة، وخبر مرازم (2) المشتمل على سؤال إسماعيل بن جابر الصادق (عليه السلام) عن النوافل الذي قدمناه - ضعيف غير صالح لاثبات مثل ذلك أيضا، وأما لو قلنا بأن المراد منها الظن لكن بعد تقييد الاكتفاء به بما إذا لم يتمكن من العلم ولو لعسر وحرج فلعل الدليل عليه - بعد ظهور كونه كالمجمع عليه بين الأصحاب - معلومية قيامه مقام العلم في كل مقام تعذر هو فيه، بل عن المختلف الاجماع
(١٢٩)