تبعث على ترك المكروهات والتجنب عن الشبهات والرفض، وأهذب منه ما عن بعضهم من أن التقوى التجنب عن الشبهات لئلا يقع في المحرمات، والورع هو التجنب عن المباحات لئلا يقع في الشبهات، لكن عن الأردبيلي المناقشة في ذلك بأنه ليس من ترك كثيرا من الأمور التي هي عمدة في التقرب مثل تحصيل العلوم والعبادات الشاقة الكثيرة وقضاء حوائج المؤمنين مع أنه يجتنب الشبهات ويتورع عن المباحات يكون أتقى وأكرم على الله تعالى، بل الأمر بالعكس، لأن الأكرمية باعتبار الاتصاف بالأوصاف المقربة، فمن اتصف بالأكثر والأعلى فهو الأكرم عند الله، ففي التعريفين تأمل وتزلزل، فحينئذ ينبغي تقديم من فيه الوصف المذكور، وإني أظن أنه مقدم في جميع المراتب، وعدم ذكره لظهوره، قلت: المراد ترك المباحات خوف الوقوع في المحرمات لا المستحبات، وإلا فهذه الأمور المذكورة عين التقوى والورع إذا جامعها الاخلاص، فتأمل جيدا، والله أعلم بحقيقة الحال.
(ويستحب للإمام أن يسمع من خلفه الشهادتين) بلا خلاف أجده فيه، للصحيح (1) عن الصادق (عليه السلام) (ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه التشهد، ولا يسمعونه هم شيئا يعني الشهادتين، ويسمعهم أيضا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) وخبر أبي بصير (2) عنه (عليه السلام) أيضا (ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كلما يقول، ولا ينبغي لمن خلفه أن يسمعوه شيئا مما يقول) بل يستفاد من الثاني استحباب إسماع سائر ما يجوز الاجهار فيه من الأذكار في الركوع والسجود وغيرهما، كما أنه يستفاد منه كراهة إسماع المأموم شيئا من ذلك، نعم الظاهر الاقتصار في ذلك على غير المنكر من رفع الصوت كما يشير إليه خبر عبد الله بن سنان (3) المروي عن تفسير العياشي سأل الصادق (عليه السلام) (عن الإمام هل عليه أن يسمع من خلفه وإن كثر، فقال: