ويحتمل أن المراد به (1) حقيقة الاستثناء لأنه لما قال فسجد الملائكة وكان إبليس ممن يصح أمره بالسجود استثناه (2) منهم وان لم يكن من الملائكة وهذا وجه قد ذهب إليه أبو حنيفة فيمن قال لفلان علي ألف درهم إلا دينار أن الاستثناء صحيح لأن قوله علي (3) يتناول ما يثبت في (4) الذمة والدينار وإن لم يكن من جنس الدرهم فإنه مما ثبت في الذمة (5) فصح استثناؤه منها ومن الناس من يظن أن قوله تعالى أن تكون تجارة عن تراض منكم (6) من النوع الذي تقدم ذكره وأنه بمعنى لكن تكون (7) لا عن تراض منكم (8) وليس كذلك عندي لأن قوله تعالى تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل (9) لم يكن يمنع أن تدخل فيه التجارة عن تراض وعلى أن كثيرا من التجارات الواقعة عن تراض داخل في لفظ النفي وهي أن يقع على (10) فساد وعلى أن وجوه محظورة فجاز أن يكون الاستثناء مقدرا (11) على حقيقته ومخرجا لبعض ما انتظمته الجملة التي دخل عليها ومن الجمل ما ينتظم مسميات ثم يعطف عليها بكناية فحكم الكناية في مثل ذلك رجوعها (12) إلى ما يليها دون ما بعد منها نحو قوله تعالى لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم (13) فهذه الكناية راجعة إلى الربائب اللاتي يلين الكناية وهذا على نحو ما ذكرناه من حكم الاستثناء ولفظ التخصيص والمعنى في الجميع واحد ومنها ما يكون كناية عن بعض المذكور مما (14) يلي الكناية ويشتركان جميعا في حكمها نحو قوله تعالى رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها (15) والذي يلي الكناية هو (16) اللهو
(٢٧٣)