قيل له لولا ما في اللفظ من دلالة رجوعه إلى الجميع لكان موقوفا على ما يليه دون غيره وهو قوله تعالى قبل أن تقدروا عليهم ومعلوم أن زوال عقوبة الآخرة لا يتعلق ثبوته (1) قبل قدرتنا عليهم لأن التوبة إذا صحت زالت عقوبة الآخرة في أي حال وجدت فعلمنا أن التوبة المشروطة قبل القدرة عليهم إنما هي لزوال عقوبة الدنيا وليس يمتنع (2) أن يكون ذلك حقيقة حكم الاستثناء ومع ذلك يصح رجوعه إلى جميع المذكور لدلالة تقوم (3) لأن حق الكلام أن لا يزال ترتيبه ونظامه ولا يجعل المقدم منه مؤخرا ولا المؤخر منه (4) مقدما إلا بدلالة وليس يمتنع (5) مع ذلك إرادة تقديم المؤخر وتأخير المقدم (6) في اللفظ كقوله تعالى كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى (7) (8) والمعنى ولولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى لكان لزاما (9) ومن أجل ذلك صار الأجل مضموما بعطفه (10) على (11) الكلمة وكذلك قوله تعالى لله الذي أنزل على عبده الكتاب (12) ولم يجعل له عوجا قيما (13) والمعنى أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ولو خلينا وظاهر ما يقتضيه ترتيب الخطاب لما أزلناه عن نظامه وترتيبه ثم جاز وروده على هذا الوجه مع زوال ترتيب مقتضى اللفظ وكذلك الاستثناء حكمه لن يعمل فيما يليه ولا يعمل فيما تقدم إلا بدلالة وقال الله تعالى في شأن السرقة تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه
(٢٧٠)