قيل له (1) فقد تركت مسألتك وانتقلت عنها إلى غيرها على انا نجيبك عن هذا وإن لم يلزمنا ذلك بحق النظر فنقول إن ذلك يوجب العلم من وجهين أحدهما أنه إذا ظهر في السلف استعماله والقول به مع اختلافهم في شرائط قبول الاخبار وتسويغ (2) الاجتهاد في قبولها وردها فلولا أنهم قد علموا صحته واستقامته لما ظهر منهم الاتفاق على قبوله واستعماله وهذا وجه يوجب العلم بصحة النقل والثاني ان مثلهم إذا اتفقوا على شئ ثبت به الاجماع (3) وان انفرد عنهم بعضهم كان شاذا (4) لا (5) يقدح خلافه في صحة (6) الاجماع ولا يلتفت بعد ذلك إلى خلاف من خالف فيه فلذلك جاز تخصيص الظاهر بما كان هذا وصفه فإن قيل أنما حصل الإجماع عن الخبر وهو من طريق الآحاد قيل له لو كان ذلك (7) كذلك لكان الاجماع تابعا لخبر الواحد وهذا يوجب أن يكون خبر الواحد أقوى منه لأنه أصله (8) وهو فرع عليه وليس (9) أحد من أهل العلم يرى خبر الواحد مقدما على الاجماع بل الاجماع أولى من خبر الواحد عند الجميع ويدل على ذلك أن خبر الواحد يرد بالاجماع ولا يرد الاجماع بخبر الواحد ألا ترى إلى ما روى (10) أبو هريرة (11) عن النبي صلى الله عليه وسلم من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله
(١٧٥)