وقد يجيئ من الكلام ما يكون حكمه مقصورا على السبب الذي خرج عليه إلا (1) أن ذلك لا يجوز حمله عليه إلا بدلالة كما يخص سائل العموم بالدلائل وذلك نحو قوله تعالى قل لا أجد فيما أوحي إلى محرما على طاعم يطعمه (2) عمومه ينفى أن يكون هناك (3) شئ محرم غير المذكور في الآية إلا أنه لما روي أن ذلك نزل فيما كان المشركون يحرمونه من السائبة والوصيلة والحام صار تقديره قل لا أجد فيما أوحي إلى محرما (4) مما يحرمونه إلا كيت كيت وإنما كان ذلك كذلك لأن الدلالة قد دلت (5) على أن هاهنا أشياء أخر محرمة غير ما ذكر في الآية ونحوها ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بئر بضاعة وما يطرح فيها من المحايض ولحوم الكلاب فقال صلى الله عليه وسلم الماء طهور لا ينجسه شئ (6) والمعنى أن ما كان حاله حال هذا البئر فهذا حكمه لأنه معلوم انه لم يرد به عموم الحكم بطهارة الماء الذي فيه لحوم الكلاب والمحايض وإنما معنى ان البئر كان يطرح فيها ذلك ثم نظفت فأخرج ما فيها فسئل عن الماء الحادث بعد النزح والتطهير فقال إنه طهور لا ينجسه شئ وكذلك حديث أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا ربا إلا في النسيئة وهو أنه سئل عن الجنسين متفاضلا فقال إنما الربا في مثله في النسيئة ومتى كان الجواب أخص من السؤال فالحكم له لا للسؤال (7) نحو قوله تعالى يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح (8) فقوله ماذا أحل
(٣٤٦)