باب القول في الاستثناء (1) ولفظ التخصيص إذا اتصلا بالخطاب ما حكمهما (2)؟
قال أبو بكر حكم الاستثناء إذا صحب خطابا معطوفا بعضه على بعض أن يرجع إلى ما يليه ولا
(1) اختلفت عبارة الأصوليين في تعريف الاستثناء.
فقال الغزالي: هو قول ذو صيغ مخصوصة محصورة دال على أن المذكور به لم يرد بالقول الأول.
وأبطله الآمدي من وجهين:
الأول: أنه ينتقض بآحاد الاستثناءات كقولنا: جاء الوقم إلا زيدا فإنه استثناء حقيقة وليس بذي صيغ بل صيغة واحدة وهي إلا زيدا.
الثاني: أنه يبطل بالأقوال الموجبة لتخصيص العموم الخارجة عن الاستثناء فإنها صيغ مخصوصة وهي دالة على أن المذكور بها لم يرد بالقول الأول، وليست من الاستثناء في شئ.
وقال بعض المتبحرين من النحاة: الاستثناء إخراج بعض الجملة عن الجملة بلفظ (إلا) أو ما يقوم مقامه.
ونقضه الآمدي بقول القائل " رأيت أهل البلد " ولم أر زيدا فإنه قائم مقام قوله إلا زيدا في إخراج بعض الجملة عن الجملة وليس استثناء.
واختار الآمدي: أن الاستثناء عبارة عن لفظ متصل بجملة لا يستقل بنفسه دال بحرف " إلا " وأخواتها على أن مدلوله غير مراد مما اتصل به، ليس بشرط ولا صفة ولا غاية.
والاستثناء عند الشافعي: إخراج بعض الجملة عن الجملة بحرف إلا أو ما يقوم مقامه.
الأحكام للآمدي 2 / 120 وتخريج الفروع للزنجاني 67.
(2) لا نزاع في هذه المسألة فيما إذا تعاقبت جمل عطف بعضها على بعض ثم ورد بعدها الاستثناء أن يرد الاستثناء إلى الجميع أو إلى الأخير خاصة. وإنما النزاع في الظهور عند الإطلاق فينصرف إلى الجميع في كونه ظاهرا في العود لها إلا بدليل يصرفه أو ظاهرا في الأخير إلا بدليل يصرفه.
هذا هو محل النزاع بين علمائنا فتنبه له.
وراجع فتح الغفار 2 / 128 وشرح العضد على مختصر المنتهى 2 / 139 والإبهاج 2 / 95.