الفصول في الأصول - الجصاص - ج ١ - الصفحة ١٧٠
والسنة الثابتة وجوبا حقيقيا لا يسع الاجتهاد في تركه وخبر الواحد يسع الاجتهاد في تركه (1) ألا ترى أن تارك العمل بخبر الواحد مع اعتقاد وجوبه ليس مأثمة كمأثم (2) تارك عموم القرآن مع اعتقاد القول به فإن قال قائل (3) الفرق (4) بين النسخ والتخصيص أن في النسخ رفع الحكم بعد ثبوته والتخصيص بيان المراد قيل له هذا قول من لا يدري ما النسخ ولا فرق بين النسخ والتخصيص في أن كل واحد منها بيان إلا أن النسخ فيه بيان مدة الحكم والتخصيص بيان الحكم في بعض ما تناوله الاسم (5)

(١) ما بين القوسين ساقط من ح.
(٢) لفظ ح " كاثم ".
(٣) لم ترد هذه الزيادة في د.
(٤) لفظ ح " الذي ".
(٥) والفرق بين النسخ والتخصيص مما يشكل على كثير من الكاتبين وذلك لاشتراكهما في اخذ ما يتناوله اللفظ، فكل واحد منهما يبين ما لم يرد باللفظ. وقد اهتم بعض الأصوليين في بيان ايراده.
وقد بين الشوكاني وغيره هذه الفروق ونحن نحققها ونلخصها فنقول:
الأول: ان التخصيص ترك بعض الأعيان والنسخ ترك الأعيان كذا قال الأستاذ الأسفر الثاني: ان التخصيص يتناول الأزمان والأعيان والأحوال بخلاف النسخ فإنه لا يتنا الغزالي: وهذا ليس بصحيح فان الأعيان والأزمان ليسا من أفعال المكلفين، والنسخ يرد الأزمان والتخصيص يرد على الفعل في بعض الأحوال.
الثالث: ان التخصيص لا يكون إلا لبعض الافراد بخلاف النسخ فإنه يكون لكل الافراد الرابع: ان النسخ تخصيص الحكم بزمان معين بطريق خاص بخلاف التخصيص قاله البيضاوي، واعترض عليه إمام الحرمين.
الخامس: أن التخصيص تقليل والنسخ تبديل، حكاه القاضي أبو الطيب عن بعض واعترض عليه بأنه قليل الفائدة.
السادس: ان النسخ يتطرق إلى كل سواء كان ثابتا في حق شخص واحد أو أشخاص يتطرق إلا إلى الأول، ومنهم من عبر عن هذا بعبارة أخرى فقال: التخصيص لا يدخل والنسخ يدخل فيه.
السابع: ان التخصيص يبقى دلالة اللفظ على ما بقي تحته حقيقة كان أو مجازا والنسخ المنسوخ في مستقبل الزمان.
الثامن: انه يجوز تأخير النسخ عن وقت العمل بالمنسوخ ولا يجوز تأخير التخصيص عن وقت العمل بالمخصوص.
التاسع: انه يجوز نسخ شريعة بشريعة أخرى ولا يجوز التخصيص، قال القرافي: وهذا الاطلاق وقع في كتب العلماء كثيرا.
العاشر: ان التخصيص بيان ما أريد بالعموم والنسخ بيان ما لم يرد بالمنسوخ ذكره الماوردي.
الحادي عشر: ان التخصيص يجوز أن يكون مقترنا بالعام أو متقدما عليه أو متأخرا عنه ولا يجوز أن يكون الناسخ متقدما على المنسوخ ولا مقترنا به بل يجب ان يتأخر عنه.
الثاني عشر: ان النسخ لا يكون إلا بقول وخطاب والتخصيص قد يكون بأدلة العقل والقرائن وسائر أدلة السمع.
الثالث عشر: ان التخصيص يجوز أن يكون في الاخبار والاحكام والنسخ يختص بأحكام الشرع.
الرابع عشر: ان التخصيص على الفور والنسخ على التراخي ذكره الماوردي قال الزركشي: وفيه نظر.
الخامس عشر: ان تخصيص المقطوع بالمظنون واقع ونسخه به غير واقع.
السادس عشر: ان التخصيص يؤذن بأن المراد بالعموم عند الخطاب ما عداه والنسخ يحقق أن كل ما يتناوله اللفظ مراد في الحال وان كان غير مراد فيما بعده.
وهذه جملة الفروق التي أوردها العلماء، ولا يخفي ان بعضها غير مسلم وان بعضها يمكن ان يدخل في البعض الاخر، ولم نرد تفصيلا في ذلك ويبقي الفرق الأساسي بينهما ما ذكره الجصاص من أن كلاهما بيان إلا ان النسخ بيان مدة الحكم والتخصيص بيان الحكم في بعض ما تناوله الاسم. فتنبه. راجع ارشاد الفحول ١٤٢ وما بعدها. وراجع ما ذكره البخاري في كشف الاسرار للبزدوي ٣ / ١٩٨ ومناهل العرفان في علوم القرآن.
2 / 80
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست