الفصول في الأصول - الجصاص - ج ١ - الصفحة ٣٨٣
إما أن يعلم ورود الآية الخاصة بعد استقرار حكم العامة (1) والتمكين من فعله أو يعلم نزول الآية الخاصة واستقرار حكمها ثم نزول الآية العامة بعدها أو يعلم ورودهما معا متصلا بعضها (2) ببعض كاتصال الاستثناء بالجملة أو لا يعلم تاريخ نزولها فأما الوجه الأول (3) أن يكون العموم متقدما ويرد الخصوص بعد استقرار حكمه والتمكين من فعله (4) فإن ذلك نسخ لبعض ما اقتضاه بقدر ما قابله منه ولا يكون ذلك تخصيصا (5) لأن التخصيص بمنزلة الاستثناء يبين أن ما خص منه لم يكن مرادا بلفظ العموم ولا يجوز أن يتأخر بيان ما كان هذا سبيله لأنه يوجب اعتقاد الشئ على خلاف ما هو عليه من مراد الله تعالى بلفظ الآية فلذلك لم يجز أن يستقر الحكم عليه ثم يرد لفظ

(١) عبارة ح " حكمها العامة " وهو تصحيف.
(٢) لفظ د " بعضه.
(٣) في د زيادة " هو ".
(٤) يجوز عند أهل السنة نسخ الامر قبل التمكن من الامتثال خلافا للمعتزلة، راجع المستصفى 1 / 122 والفتاوي لا تيمية 14 / 146.
وتأخر الخصوص هنا عن العمل بالعام المراد به: تأخره عن وقت العمل لا نفس العمل كما قال العلامة البرماوي فالمدار على تأخره عوقت العمل وإن لم يقع عمل، فلا فرق بين أن يوجب العمل أولا، وأنه إذا وجد لا فرق بين أن يعمل بالفرد المدلول عليه بالخاص أولا، فتنبه.
راجع قول البرماوي في حاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 77.
(5) وهذا رأي الحنفية كما ذكره أبو عبد الله الجرجاني، وهو قول المعتزلة أيضا كما حكاه القاضي في الكفاية، وهو رواية عن أحمد بن حنبل، وهو قول إمام الحرمين هذا كله مع علم التاريخ.
ووجدت عبد العزيز البخاري يخالف في ذلك حيث يقول: العام إذا وردا في حادثة واحدة ويعرف تاريخهما كان الثاني ناسخا إن كان هو العام، ومخصصا إن كان هو الخاص.
كشف الاسرار للبزودي 1 / 292.
وهذه الصورة هي التي وافق جمهور الشافعية والبيضاوي والأسنوي الحنفية عليها، ما ورود الخاص بعد دخول وقت العم بالعام فاعتبروا الخاص ناسخا للعام لان التخصيص بيان والبيان لا يجوم أن يتأخر عن وقت العمل.
وأما في غير هذه الصورة فالخاص يعتبر مخصصا للعام مطلقا علم التاريخ فكان الخاص متقدما على العام أو متأخرا عنه أو كان كل منهما مقارنا للاخر بأن وجدا في زمن واحد، أو لم يعلم التاريخ بحيث لا يدري تقدم أحدهما ولا تأخره كما لم تعلم المقارنة بينهما.
وعند الحنابلة في المسودة قال: إذا تعارض العام والخاص المخالف له قدم الخاص وخصص به العام سواء علم أسبقهما أو جهل التاريخ عند أصحابه قال وهذا مذهب الشافعي وأصحابه، واختاره ابن الحاجب.
وقال المالكية: إذا جهل التاريخ وإن كان الخاص الاخر فقال ابن نصر يبني على مسألة تأخير البيان.
راجع في ذلك حاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 77 والمسودة 134 والابهاج 2 / 106 وأصول الفقه للشيخ زهير 2 / 294 وكشف الاسرار للبزدوي 1 / 292 وما بعدها.
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 379 381 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست