باب حكم الكلام الخارج عن (1) سبب (2) قال أبو بكر كل كلام خرج عن سبب فالحكم له لا للسبب فإذا كان أعم من السبب وجب اعتبار حكمه بنفسه دون سببه
(1) في د (على).
(2) والكلام في هذه المسألة يستدعى بيان محل النزاع فان الجصاص لم يحرر الخلاف فنقول:
محل النزاع: الخطاب إما ان يكون جوابا لسؤال سائل أو لا. فان كان جوابا فاما ان يستقل بنفسه أولا.
فان لم يستقل بحيث لا يصح الابتداء به فلا خلاف في أنه للسؤال في عمومه وخصوصه حتى كان السؤال معاد فيه.
فان كان السؤال عاما فعام وان كان خاصا فخاص.
ومثال خصوص السؤال قوله تعالى (هل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم) وقوله في الحديث: (أينقص الرطب إذا جف قالوا نعم قال فلا إذا) فيجب قصر الحكم على السائل ولا يعم غيره الا بدليل من خارج يدل على أنه عام المكلفين أو في كل من كان بصفته.
ومثال عمومه ما لو سئل عمن جامع امرأته في نهار رمضان فقال يعتق رقبة فهذا عام في كل واطئ في نهار رمضان، وقوله يعتق وان كان خاصا بالواحد لكنه لما كان جوابا عمن جامع امرأته بلفظ يعم كل من جامع كان الجواب كذلك، فصار السؤال معادا في الجواب.
وان استقل الجواب بنفسه بحيث لو ورد مبتدأ لكان كلاما تاما مفيدا للعموم فهو على ثلاثة اقسام، لأنه اما ان يكون أخص أو مساويا أو أعم.
الأول: أن يكون الجواب مساويا له لا يزيد عليه ولا ينقص كما لو سئل عن ما ء البحر فقال: ماء البحر لا ينجسه شئ فيجب حمله على ظاهره بلا خلاف، كذلك قال ابن فورك ولا أستاذ أبو إسحاق الأسفرائيني وابن القشيري وغيرهم.
الثاني: ان يكون الجواب أخص من السؤال مثل ان يسأل عن احكام المياه فيقول ما ء البحر طهور فيختص بماء البحر ولا يعم بلا خلاف، كما حكاه الأستاذ أبو منصور وابن القشيري وغيرهما.
الثالث: أن يكون الجواب أعم من السؤال وهما قسمان:
أحدهما: ان يكون الجواب أعم من السؤال وهما قسمان:
أحدهما: ان يكون أعم منه في حكم آخر غير ما سئل عنه، كسؤالهم عن التوضؤ بماء البحر وجوابه صلى الله عليه وسلم بقوله هو الطهور ماؤه الحل ميتته فلا خلاف انه عام لا يختص بالسائل ولا بمحل السائل من ضرورتهم إلى الماء وعطشهم بل يعم حال الضرورة والاختيار كذا قال ابن فورك وصاحب المحصول وغيرهما، وظاهر كلام القاضي أبى الطيب وابن برهان انه يجرى في هذا الخلاف لا أتى في القسم الثاني وليس بصواب كما لا يخفى.
ثانيهما: ان يكون الجواب أعم من السؤال عنه كقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن بئر بضاعة: الماء طهور لا ينجسه شئ، وكقوله لما سئل عمن اشترى عبدا فاستعمله ثم وجد فيه عيبا: الخراج بالضمان وهذا القسم هو محل الخلاف بين العلماء.
راجع في ذلك ارشاد الفحول 134 تيسير التحرير 1 / 366 والتلويح 1 / 272 وحاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 73 والأشباه والنظائر للسيوطي 135 في فرع الخراج بالضمان.