وأما الوضع فإما يكون خاصا أو عاما حسب ما فصلناه في معنى الهيئة (1).
فإذن: البعث والإغراء المتوجهان إلى العبد يكونان حجة عليه عند العرف والعقلاء، وهم يرون أن بعث المولى لا يجوز تركه والتقاعد عنه باحتمال وجوب غيره في دوران الأمر بين كون الواجب نفسيا أو غيريا، أو كون غيره عدلا للواجب في دوران الأمر بين كون الواجب تعيينيا أو تخييريا، أو كونه مكلفا بخصوصه في دوران الأمر بين كون الواجب عينيا أو كفائيا.
وبالجملة: العرف والعقلاء لا يرون عذرا لعبد لم يمتثل أمر مولاه باحتمال كون الواجب غيريا أو تخييريا أو كفائيا، بل يرون أن للمولى حجة عليه، من دون فرق في ذلك بين أن يكون أمر المولى بالهيئة أو بالإشارة.
فكما أن المولى لو أشار عبده إلى شئ يجب عليه امتثاله، ولا يجوز له التقاعد عنه، من دون أن يكون هنا لفظ حتى يقال: إنه بظهور اللفظ، بل لأجل أن العبد لابد له من امتثال طلب المولى، فكذلك الهيئة.
والهيئة والإشارة ترتضعان من ثدي واحد. غايته: أن دلالة الإشارة تكويني وباليد - مثلا - والهيئة تشريعي وباللسان. فالباب باب احتجاج المولى على العبد واحتجاج العبد على مولاه، لا باب دلالة اللفظ. وقد سبق شقص من الكلام في حمل هيئة الأمر على الوجوب، فلاحظ (2).