بوحدة الطلب والإرادة على اجمال المراد منها لم يقيموا برهانا أصلا وانما أحالوها إلى الوجدان وانه لا نرى غير الإرادة أمرا آخر يسمى بالطلب وسيتضح لك إن شاء الله تعالى ان الامر على خلاف ما يدعونه إذا عرفت ذلك (فنقول) اما الكلام في الموضع الأول فحاصله ان المدعى للوحدة وجدانا ان أراد أن المفهوم من أحدهما هو عين المفهوم من الاخر بأن يكون لفظا الطلب والإرادة مترادفين فالانصاف ان الوجدان على خلاف ما ادعوه فان الإرادة باتفاق الجميع عبارة عن الكيف النفساني القائم بالنفس واما الطلب فهو عبارة عن التصدي لتحصيل شئ في الخارج فلا يقال طالب الضالة الا لمن تصدى لتحصيلها في الخارج دون من يشتاق إلى تحصيلها فقط وان لم يتصد لتحصيلها في الخارج واطلاقه على الفعل النفساني بناء على ثبوت مرتبة أخرى غير الإرادة فإنما هو من باب اخذ الغايات وترك المبادى فإنه أيضا يوجد باعمال النفس وان لم يكن محتاجا إلى تعب ومشقة كما في اطلاق الاكل على مجرد البلع من دون مضغ فإنه أيضا من هذا القبيل والحاصل ان الطلب في التشريعيات عبارة عن نفس ايجاد الصيغة فإنه بها يتصدى الامر لتحصيل مطلوبه في الخارج وفى التكوينيات ليس هناك تصد أصلا بل بمجرد تحريك النفس للعضلات يوجد المطلوب قهرا فليس هناك مطلوب منه حتى يتوقف وجود المطلوب على إرداته وعليه فيكون اطلاق الطلب على تحريك النفس من باب الاخذ بالغاية وترك المبادى (وان أراد) انهما مفهومان متغايران غاية الأمر انهما يصدقان على أمر واحد باعتبارين كما يصدق النية والعزم والقصد على شئ واحد باعتبار كونه مضمرا في النفس وباعتبار رفع التردد وباعتبار الاستقامة فهو وإن كان وجيها بالنسبة إلى الدعوى الأولى الا انه أيضا فاسد في حد ذاته فان الإرادة كما عرفت من مقولة الكيف والطلب من مقولة الفعل (1) ويستحيل صدق المقولتين على أمر واحد باعتبارين لتباينهما (فظهر) ان الحق في هذا المقام مع القائلين بالتغاير وفاقا للأشاعرة واما الموضع الثاني فالحق فيه (2) أيضا ان هناك مرتبة أخرى بعد الإرادة تسمى
(٨٩)