انما هو من جهة خروج الفعل عن العبثية والا فيمكن للانسان ايجاد ما هو منافر لطبعه فضلا عن ايجاد مالا يشتاقه لعدم فائدة فيه الا انه لا يفعل ذلك للزوم العبث وهو لا يصدر من الحكيم الملتفت (ثم) ان المرجح المخرج للفعل عن العبثية هي الفائدة الموجودة في نوعه دون شخصه بداهة أن الهارب والجائع يختار أحد الطريقين واحد القرصين مع عدم وجود مرجح في واحد بالخصوص وانكار ذلك مكابرة واضحة ثم إن الفخر الرازي استدل لما ذكرناه بما حاصله ان الاجرام السماوية أجرام بسيطة متساوية النسبة من حيث الاجزاء عند الحكماء والمصلحة الإلهية اقتضت وجود الحركة فيها لكن الترجيح بلا مرجح في الشخص لو كان قبيحا فلنا ان نسأل عن ترجيح حركة الشمس والمعدل مثلا في المشرق إلى المغرب دون العكس مع عدم وجود المرجح قطعا على المذهب المذكور وقد ذكر صدر المتألهين (قده) هذا الاستدلال في شرح أصول الكافي الا انه لم يأت في الجواب الا بالشتم واللعن وانه رئيس المشككين اتى بشئ لا يمكن الجواب عنه (ولكن) الانصاف ان الحق مع الفخر فإنه لا يجوز على الحكيم تفويت المصلحة النوعية مع عدم وجود مرجح في الشخص قطعا وهذا ظاهر لا سترة عليه.
ثم لا يخفى انه لا يفرق في ما ذكرنا من أن الطلب (1) هو التحريك نحو المطلوب وتأثير النفس في الحركة بين أن يكون الحركات مباشرية كما في الإرادة التكوينية أو منزلة منزلة المباشرية كما في التشريعية فان عضلات العبد وحركاتها منزلة منزلة عضلات المولى وحركاتها ولافرق بينهما من وجه أصلا فافهم وتأمل في المقام لئلا تقع فيما وقع فيه غير واحد من الزلل والأوهام والله الهادي إلى سواء السبيل ثم إن هذا الذي ذكرناه من الالتزام بالامر الرابع المسمى بالطلب مرة وبالاختيار أخرى هو الأساس لنفى الجبر الذي التزام به الأشاعرة وأرادوا بذلك اثبات السلطنة للباري