والتصور والتصديق كلها غير اختيارية فإن كانت حركة العضلات مترتبة عليها من غير تأثير النفس فيها وبلا اختيارها فيلزم أن لا تكون العضلات منقادة للنفس في حركاتها وهو باطل وجدانا فان النفس تامة التأثير في العضلات من دون أن يكون لها مزاحم في سلطانها و ملكها وللزم أن تصدق شبهة امام المشككين في عدم جوار العقاب بان الفعل معلول للإرادة والإرادة غير اختيارية وان لا يمكن الجواب عنها ولو تظاهر الثقلان كما ادعاه واما الجواب عنها بان استحقاق العقاب مترتب على الفعل الاختياري أي الفعل الصادر عن الإرادة وإن كانت الإرادة غير اختيارية فهو لا يسمن ولا يغنى من جوع بداهة أن المعلول لأمر غير اختياري غير اختياري وتسميته إراديا من جهة سبقه بالإرادة من غير اختيار لا يوجب عدم كون العقاب ظلما وتعديا في حق العبد المسكين العاجز المقهور في إرادته التي لا تنفك عن الفعل بل يلزم أن يكون الباري جل وعلا مقهورا في أفعاله فان الإرادة التي هي علة تامة لوجود المعلولات عن ذاته ومن البديهي أن ذاته تعالى وتقدس غير اختيارية له تبارك وتعالى (والحاصل) أن علية الإرادة للفعل هادم لأساس الاختيار ومؤسس لمذهب الجبر بخلاف ماذا أنكرنا علية الصفات النفسانية من الإرادة وغيرها للفعل وقلنا بأن النفس مؤثرة بنفسها في حركات العضلات من غير محرك خارجي وتأثيرها المسمى بالطلب انما هو من ذاتها فلا يلزم محذور أصلا ويثبت الامر بين الامرين كما هو المذهب الوسط وبهذه النظرية الدقيقة المثبتة للامر بين الامرين كما صرحت به روايات أهل البيت عليهم السلام يستدل على الحق فيهم ومعهم فإنه مما أعيى ادراكه عقول الفلاسفة وذوي الأفكار (فان قلت) ان الأمر الرابع الذي بنيت عليه ثبوت الامر بين الامرين ونفى الجبر وجعلته متوسطا بين الإرادة وحركة العضلات هل هو ممكن أو واجب لا سبيل إلى الثاني وعلى الأول فهل علته التامة اختيارية أو غير اختيارية وعلى الأول يلزم التسلسل وعلى الثاني يتم مذهب الجبر (قلنا) لا اشكال في كونه حادثا وممكنا الا انه نفس الاختيار الذي هو فعل النفس وهى بذاتها تؤثر في وجوده فلا يحتاج إلى علة موجبة لا ينفك عنها اثرها إذا العلية بنحو الايجاب انما هي في غير الأفعال الاختيارية نعم لابد في وجوده من فاعل وهو النفس ومرجح وهى الصفات النفسانية والاحتياج إلى المرجح
(٩١)