البراءة عقلا أو نقلا فجريان الأصل في هذا القسم يرفع موضوع التقييد واقعا ولا ينافي ذلك وجود التكليف في الواقع لعدم كونه مزاحما للتكليف الفعلي ما لم يكن واصلا إلى المكلف وشاغلا له بامتثاله عن امتثال غيره (واما القسم الثاني) فهو متوسط بين القسمين (توضيحه) ان الموجب للتقييد فيه هي فعلية الحرمة ومضادتها لاطلاق الوجوب فإذا كانت الحرمة موجودة في الواقع ولو مع عدم تنجزها على المكلف كما في موارد الجهل أو النسيان كان التقييد باقيا على حاله لعدم ارتفاع موجبه بالجهل أو النسيان فيكون حال هذا القسم حال القسم الأول من هذه الجهة واما إذا لم تكن الحرمة ثابتة في الواقع بل كانت ساقطة بعروض اضطرار و نحوه فربما يقال فيه بسقوط اعتبار التقييد أيضا لانتفاء موجبه لأن المفروض ان الموجب للتقييد انما هي فعلية الحرمة ومضادتها لاطلاق المأمور به فإذا سقطت بالاضطرار ونحوه كان التقييد بلا موجب وعلى ذلك يترتب انه إذا شك في المانعية لأجل الشك في الحرمة النفسية كان الحكم فيه هو الرجوع إلى البراءة ولو بنينا على الاشتغال في الشك في الأقل والأكثر الارتباطيين وذلك لأن الشك في المانعية في مفروض الكلام بما انه مسبب عن الشك في الحرمة النفسية فبجريان البراءة عنها يرتفع موضوع الشك في المانعية فلا يبقى مجال الحكم العقل بالاشتغال ومن هنا ذهب جماعة ممن لا يجوز الصلاة فيما يشك في كونه من اجزاء مالا يؤكل لحمه إلى جواز الصلاة في ما يشك في كونه ذهبا أو حريرا و (لكن التحقيق) يقتضى فساد القول المزبور (1) وفساد ما رتبوه عليه اما فساد القول بسقوط اعتبار التقييد عند سقوط الحرمة باضطرار ونحوه فلان المانعية أعني بها تقييد اطلاق المأمور به بغير الحصة المنهى عنها لو كانت في طول الحرمة ومترتبة عليها لتم ما ذكروه من ارتفاعها بارتفاع موجبها أعني به الحرمة لكن الامر ليس كذلك فان اطلاق المأمور به وشموله لحصة خاصة وإن كان يضاد حرمتها فلا بد من رفع اليد عنه في فرض كونها محرمة الا انك عرفت فيما تقدم ان وجود أحد الضدين لا يكون علة لعدم الضد الاخر وفي مرتبة سابقة عليه بل هما متلازمان فإذا سقط أحدهما لموجب يقتضيه من اضطرار ونحوه فلا موجب لسقوط الملازم الاخر وبالجملة إذا كان دليل النهى يقتضى حرمة متعلقه وتقييد متعلق الأمر بغير
(٤٠١)