ولما كان ذلك منشأ لاشتباه كثير منهم في كثير من المباحث، فلا بأس بالإشارة الاجمالية إلى مراد الرجل الهمداني، ومراد القوم في مقابله، فنقول:
زعم الرجل أن معنى وجود الطبيعي في الأعيان هو أن ذاتا واحدة بعينها مقارنة لكل واحد من المقارنات المختلفة موجودة بنعت الوحدة في الخارج، وأن ما به الاشتراك الذاتي بين الافراد متحقق خارجا بما هو الجهة المشتركة.
وكأنه توهم - من قولهم: إن الاشخاص تشترك في حقيقة واحدة هي الطبيعي، وقولهم: إن الكلي الطبيعي موجود في الخارج - أن مقصود القوم هو موجودية الجهة المشتركة بما هي كذلك في الخارج، قائلا: هل بلغ من عقل الانسان أن يظن أن هذا موضع خلاف بين الحكماء؟ على ما حكي عنه (1).
وربما يستدل لما توهمه الرجل تارة: بأن الطبيعي معنى واحد منتزع من الخارج، ولا يمكن أن يكون الكثير بما هو كثير منشأ لانتزاع الواحد، فلا بد من جهة اشتراك خارجي بنعت الوحدة، حتى يكون الطبيعي مرآة لها ومنتزعا منها.
وأخرى: بأن العلل المختلفة إذا فرض اجتماعها على معلول واحد، لا بد فيها من جهة وحدة خارجية مؤثرة في الواحد بمقتضى قاعدة لزوم صدور الواحد عن الواحد.