ثم إن صاحب المقالات أجاب عن الاشكال: بأن العام وإن كانت واحدة، لكن هذه الدلالة الواحدة إذا كانت حاكية عن مصاديق متعددة، فلا شبهة في أن هذه الحكاية بملاحظة تعدد محكيها بمنزلة حكايات متعددة، نظرا إلى أن شأن الحكاية والمرآة جذب لون محكيها، فمع تعدده كانت الحكاية متعددة. فحينئذ مجرد رفع اليد عن حجية الحكاية المزبورة بالنسبة إلى فرد لا يوجب رفع اليد عن حجية الاعلى.
وأيد كلامه بالمخصص المتصل، بدعوى: أن الظهور في الباقي مستند إلى وضعه الأول، غاية الأمر تمنع القرينة من إفادة الوضع لاعلى المراتب من الظهور، فيبقى اقتضاؤه للمرتبة الأخرى دونها بحاله (1).
ولا يخفى ما فيه، لان حديث جذب الألفاظ لون محكيها أشبه بالخطابة والشعر، ضرورة أن الألفاظ لا تنقلب عما هي عليه، وتوهم ركاكة بعضها ناش من الخلط بين الحاكي والمحكي، فإن الركاكة للمحكي، والألفاظ آلة الانتقال إليها، فتعدد المحكي لا يوجب تعدد الحكاية بعد كون الحاكي عنوانا واحدا، فلفظ العام بعنوان واحد وحكاية واحدة يحكي عن الكثير، فإذا علم أن اللفظ لم يستعمل في معناه بدليل منفصل لم تبق حكاية بالنسبة إلى غيره.
وما ذكره في المخصص المتصل من مراتب الظهور ممنوع، ضرورة أن كل لفظ في المخصص المتصل مستعمل في معناه، وأن إفادة المحدودية إنما هي