بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ٩ - الصفحة ١٠٧
ولا يخفى ما في الاستدلال بها: أما الأول: فإن جعل خصوص شيء فيه جهة الاراءة والطريقية حجة أو مرجحا لا دلالة فيه على أن الملاك فيه بتمامه جهة إراءته، بل لا إشعار فيه كما لا يخفى، لاحتمال دخل خصوصيته في مرجحيته أو حجيته، لا سيما قد ذكر فيها ما لا يحتمل الترجيح به إلا تعبدا (1)،
____________________
فلابد من التعدي لكل ما كان الريب فيه أقل، ومن الواضح ان كل ما كان أقرب إلى الواقع من غيره فلابد من كون الريب فيه أقل من غيره.
الوجه الثالث: التعليل الوارد لترجيح ما خالف العامة وهو كون الرشد في خلافهم، فان المراد من الرشد في الخبر المخالف للعامة هو الأقربية للواقع، لوضوح كون الرشد على خلاف الخبر الموافق للعامة هو مخالفتهم للواقع في احكامهم، فالمراد من الرشد هو الموافقة للواقع، والمراد من خلافهم للرشد هو المخالفة منهم للواقع، فإنما يترجح الخبر المخالف لهم لان فيه قرب الموافقة للواقع، وانما يكون الخبر الموافق لهم مرجوحا لكونه موافقا لما هو بعيد عن الواقع. فهذا التعليل يدل على أن المناط للترجيح هو القرب إلى الواقع، وعليه فلابد من التعدي لكل مزية توجب القرب إلى الواقع لتحقق مناط الترجيح فيه.
(1) أورد المصنف على الوجه الأول بايرادين: الأول: ان وجه الاستدلال به - كما مر - هو ان الظاهر من الأصدقية والأوثقية ان الترجيح بهما لا لأخذهما على نحو الموضوعية وبما هما صفة من الصفات النفسية، بل المناط في اخذهما جهة تعلقهما بالواقع واراءتهما عنه ومطابقتهما له، فيتعدى منهما إلى كل مزية توجب قوة احتمال المطابقة للواقع والإراءة عنه والقرب اليه.
ويرد عليه: ان ترجيح احدى الحجتين في مقام المعارضة هو على طبق جعل الحجية، فكما ان جعل الحجية لخبر الثقة لا يقتضي التعدي عنه لحجية مطلق ما يوجب الوثوق من الظنون، لاحتمال خصوصية لخبر الثقة دون سائر الظنون الموجبة للوثوق، فكذلك الترجيح لأوثقية المخبر على غيره الذي ليس مثله في الأوثقية
(١٠٧)
مفاتيح البحث: الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 104 107 109 110 112 113 114 ... » »»
الفهرست