وبالجملة: الأدلة في هذه الصور وإن كانت متنافية بحسب مدلولاتها، إلا أنها غير متعارضة، لعدم تنافيها في الدلالة وفي مقام الاثبات، بحيث تبقى أبناء المحاورة متحيرة، بل بملاحظة المجموع أو خصوص بعضها يتصرف في الجميع أو في البعض عرفا، بما ترتفع به المنافاة التي تكون في البين (1)، ولا فرق فيها بين أن يكون السند فيها قطعيا أو ظنيا أو مختلفا،
____________________
(1) توضيحه: ان التعارض كما مر بيانه على رأي المصنف ليس هو تنافي المدلولين، بل هو تنافي الدليلين في مقام الحجية الفعلية: أي تنافيهما في مقام الاثبات والتأثير لا في مقام الثبوت والاقتضاء. فعلى هذا لا تنافي بينهما فيما إذا كان أحدهما قرينة على التصرف في الآخر، لان ما كان هو القرينة على التصرف في الآخر فالتأثير الفعلي له دون الآخر الذي يتعين التصرف فيه، كما في مثل العام والخاص والمطلق والمقيد، فان العام والمطلق من قبيل الظاهر، والخاص والمقيد من قبيل النص أو الأظهر، ولا ريب ان النص والأظهر قرينة على التصرف في الظاهر. ففي مقام الفعلية والتأثير لا حجية فعلية للظاهر في قبال النص أو الأظهر، فلا تنافي بينهما في مقام الفعلية والتأثير، فليسا هما من المتعارضين على هذا. واما كون النص والأظهر قرينة على التصرف في الظاهر فلان بناء العرف في مقام اجتماعهما على ذلك.
والحاصل: ان المتعارضين هما الدليلان المتنافيان في مقام الفعلية والتأثير، بحيث يتحير أبناء المحاورة في الجمع بينهما في مقام اجتماعهما، وحيث إن بناء المحاورة في مقام اجتماع الظاهر مع النص أو الأظهر لا تحير عندهم فيما هو المؤثر بالفعل وما هو الحجة فعلا، وان المؤثر بالفعل والحجة فعلا عندهم هو النص أو الأظهر، فلا تنافي عند أبناء المحاورة في الحجة الفعلية بين العام والخاص والمطلق والمقيد، لان الخاص والمقيد عند أبناء المحاورة بمنزلة النص والأظهر فهو الحجة الفعلية عندهم، والذي
والحاصل: ان المتعارضين هما الدليلان المتنافيان في مقام الفعلية والتأثير، بحيث يتحير أبناء المحاورة في الجمع بينهما في مقام اجتماعهما، وحيث إن بناء المحاورة في مقام اجتماع الظاهر مع النص أو الأظهر لا تحير عندهم فيما هو المؤثر بالفعل وما هو الحجة فعلا، وان المؤثر بالفعل والحجة فعلا عندهم هو النص أو الأظهر، فلا تنافي عند أبناء المحاورة في الحجة الفعلية بين العام والخاص والمطلق والمقيد، لان الخاص والمقيد عند أبناء المحاورة بمنزلة النص والأظهر فهو الحجة الفعلية عندهم، والذي