بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ٩ - الصفحة ٢٦٤
الأول: في إمكانه، وهو وإن كان محل الخلاف بين الاعلام إلا أنه لا ينبغي الارتياب فيه، حيث كانت أبواب الفقه مختلفة مدركا، والمدارك متفاوتة سهولة وصعوبة، عقلية ونقلية، مع اختلاف الاشخاص في الاطلاع عليها، وفي طول الباع وقصوره بالنسبة إليها، فرب شخص كثير الاطلاع وطويل الباع في مدرك باب بمهارته في النقليات أو العقليات، وليس كذلك في آخر لعدم مهارته فيها وابتنائه عليها، وهذا بالضرورة ربما يوجب حصول القدرة على الاستنباط في بعضها لسهولة مدركه أو لمهارة الشخص فيه مع صعوبته، مع عدم القدرة على ما ليس كذلك (1)، بل يستحيل حصول اجتهاد مطلق عادة
____________________
(1) وقع الكلام في امكان التجزي، وهذا على العكس من الكلام في امكان المطلق، فان دعوى عدم امكان المطلق مرجعها إلى أن الممكن هو التجزي دون المطلق، وعلى خلافه دعوى عدم امكان التجزي فان مرجعها إلى أن الممكن هو الاجتهاد المطلق دون التجري. فان امكان الاجتهاد - بما هو - مما لا ريب فيه ولم يقع خلاف في أصله، وانما الخلاف في امكان المطلق منه - كما مر فيه، وفي امكان التجزي كما هو محل الكلام هنا.
وقد استدل المصنف على امكانه بوجهين:
الأول: شهادة الوجدان بان الاجتهاد - وهو القدرة على استنباط الحكم من مدركه - مختلف بحسب اختلاف المدارك من حيث السهولة أو الصعوبة لفظية أو عقلية.
اما المدرك اللفظي السهل فمثل استنباط الحكم من الكتاب، فإنه لا يتوقف على أكثر من معرفة حجية الظواهر ومعرفة ظاهر الكتاب. واما المدرك اللفظي الصعب
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 263 264 266 268 273 274 276 ... » »»
الفهرست