حقير وعند الناس بغيض. قال مجاهد في قوله " إن الله لا يحب من كان مختالا " يعني متكبرا " فخورا " يعني بعد ما أعطى وهو لا يشكر الله تعالى يعني يفخر على الناس بما أعطاه الله من نعمه وهو قليل الشكر على ذلك وقال ابن جرير حدثني القاسم حدثنا الحسين حدثنا محمد بن كثير عن عبد الله بن واقد عن أبي رجاء الهروي قال:
لا تجد سئ الملكة إلا وجدته مختالا فخورا وتلا " وما ملكت أيمانكم " الآية ولا عاقا إلا وجدته جبارا شقيا وتلا " وبرأ بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا " وروى ابن أبي حاتم عن العوام بن حوشب مثله في المختال الفخور وقال حدثنا أبي حدثنا أبو نعيم عن الأسود بن شيبان حدثنا يزيد بن عبد الله بن الشخير قال: قال مطرف كان يبلغني عن أبي ذر حديث كنت أشتهي لقاءه فلقيته فقلت يا أبا ذر بلغني أنك تزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الله يحب ثلاثة يبغض ثلاثة قال: أجل فلا أخالك أكذب على خليلي ثلاثا؟ قلت من الثلاثة الذين يبغض الله؟ قال المختال الفخور أوليس تجدونه عندكم في كتاب الله المنزل ثم قرأ الآية " إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا " وحدثنا أبي حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب عن خالد عن أبي تميمة عن رجل من بني الهجيم قال: قلت يا رسول الله أوصني قال: " إياك وإسبال الإزار فإن إسبال الإزار من المخيلة والله لا يحب المخيلة ".
الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله واعتدنا للكافرين عذابا مهينا (37) والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا فسآء قرينا (38) وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما زرقهم الله وكان الله بهم عليما (39) يقول تعالى ذاما الذين يبخلون بأموالهم أن ينفقوها فيما أمرهم الله به من بر الوالدين والاحسان إلى الأقارب واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم من الأرقاء ولا يدفعون حق الله فيها ويأمرون الناس بالبخل أيضا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وأي داء أدوأ من البخل ". وقال " إياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم أمرهم بالقطيعة فقطعوا وأمرهم بالفجور ففجروا ".
وقوله تعالى " ويكتمون ما آتاهم الله من فضله " فالبخيل جحود لنعمة الله ولا تظهر عليه ولا تبين لا في مأكله ولا في ملبسه ولا في إعطائه وبذله كما قال تعالى " إن الانسان لربه لكنود * وإنه على ذلك لشهيد " أي بحاله وشمائله " وإنه لحب الخير لشديد " وقال ههنا ويكتمون ما آتاهم الله من فضله ولهذا توعدهم بقوله " وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا " والكفر هو الستر والتغطية فالبخيل يستر نعمة الله عليه ويكتمها ويجحدها فهو كافر لنعمة الله عليه. وفي الحديث " إن الله إذا أنعم نعمة على عبد أحب أن يظهر أثرها عليه " وفي الدعاء النبوي " واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بها عليك قابليها وأتممها علينا " وقد حمل بعض السلف هذه الآية على بخل اليهود بإظهار العلم الذي عندهم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم وكتمانهم ذلك ولهذا قال تعالى " وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا " رواه ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس وقاله مجاهد وغير واحد. ولا شك أن الآية محتملة لذلك والظاهر أن السياق في البخل بالمال وإن كان البخل بالعلم داخلا في ذلك بطريق الأولى فإن السياق في الانفاق على الأقارب والضعفاء وكذلك الآية التي بعدها وهي قوله " الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس " فإنه ذكر الممسكين المذمومين وهم البخلاء ثم ذكر الباذلين المرائين الذي يقصدون بإعطائهم السمعة وأن يمدحوا بالكرم ولا يريدون بذلك وجه الله وفي حديث " الثلاثة الذين هم أول من تسجر بهم النار وهم العالم والغازي والمنفق والمراؤون بأعمالهم يقول صاحب المال ما تركت من شئ تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت في سبيلك فيقول الله كذبت إنما أردت أن يقال جواد فقد قيل " أي فقد أخذت جزاءك في الدنيا وهو الذي أردت بفعلك وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعدي بن حاتم " إن أباك