خلف من فرجة بين سابغة الدرع والبيضة وطعنه فيها بحربته فوقع إلى الأرض عن فرسه ولم يخرج من طعنته دم فأتاه أصحابه فاحتملوه وهو يخور خوار الثور فقالوا له: ما أجزعك إنما هو خدش؟ فذكر لهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " بل أنا أقتل أبيا " ثم قال: والذي نفسي بيده لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون فمات إلى النار " فسحقا لأصحاب السعير " وقد رواه موسى بن عقبة في مغازيه عن الزهري عن سعيد بن المسيب بنحوه - وذكر محمد بن إسحاق قال: لما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب أدركه أبي بن خلف وهو يقول: لا نجوت إن نجوت فقال القوم: يا رسول الله يعطف عليه رجل منا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " دعوه " فلما دنا منه تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة فقال بعض القوم كما ذكر لي فلما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه انتفض بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير إذا انفض ثم استقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم فطعنه في عنقه طعنة تدأد منها عن فرسه مرارا - وذكر الواقدي عن يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمرو بن قتادة عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه نحو ذلك: وقال الواقدي: وكان ابن عمر يقول: مات أبي بن خلف ببطن رابغ فإني لأسير ببطن رابغ بعد هوى من الليل فإذا أنا بنار تتأجج لي فهبتها وإذا رجل يخرج منها في سلسلة يجتذبها يهيج به العطش وإذا رجل يقول لا تسقه فإن هذا قتيل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أبي بن خلف - وثبت في الصحيحين من رواية عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اشتد غضب الله على قوم فعلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حينئذ يشير إلى رباعيته - واشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله " وأخرجه البخاري أيضا من حديث ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس: قال اشتد غضب الله على من قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده في سبيل الله واشتد غضب الله على قوم أدموا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقال ابن إسحاق: أصيبت رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم وشج في وجنته وكلمت شفته وكان الذي أصابه عتبة بن أبي وقاص. فحدثني صالح بن كيسان عن من حدثه عن سعد بن أبي وقاص قال: ما حرصت على قتل أحد قط ما حرصت على قتل عتبة بن أبي وقاص وإن كان ما علمته لسيئ الخلق مبغضا في قومه ولقد كفاني فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " اشتد غضب الله على من أدمى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم " - وقال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الزهري عن عثمان الحريري عن مقسم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على عتبة بن أبي وقاص يوم أحد حين كسر رباعيته وأدمى وجهه فقال " اللهم لا تحل عليه الحول حتى يموت كافرا " فما حال عليه الحول حتى مات كافرا إلى النار - وذكر الواقدي عن ابن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن أبي الحويرث عن نافع بن جبير قال: سمعت رجلا من المهاجرين يقول شهدت أحدا فنظرت إلى النبل يأتي من كل ناحية ورسول الله صلى الله عليه وسلم في وسطها كل ذلك يصرف عنه: ولقد رأيت عبد الله بن شهاب الزهري يومئذ يقول:
دلوني على محمد لا نجوت إن نجا ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه ليس معه أحد ثم جاوزه فعاتبه في ذلك صفوان فقال:
والله ما رأيته أحلف بالله أنه منا ممنوع خرجنا أربعة فتعاهدنا وتعاقدنا على قتله فلم نخلص إلى لك. قال الواقدي: والذي ثبت عندنا أن الذي أدمى وجنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن قميئة والذي دمى شفته وأصاب رباعيته عتبة بن أبي وقاص: وقال أبو داود الطيالسي حدثنا ابن المبارك عن إسحاق بن يحي بن طلحة بن عبيد الله أخبرني عيسى بن طلحة عن أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد قال: ذاك يوم كله لطلحة: ثم أنشأ يحدث قال: كنت أول من فاء يوم أحد فرأيت رجلا يقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم دونه وأراه قال: حمية فقلت: كن طلحة حيث فاتني ما فاتني فقلت يكون رجلا من قومي أحب إلي وبيني وبين المشركين رجل لا أعرفه وأنا أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه وهو يخطف المشي خطفا لا أعرفه فإذا هو أبو عبيدة بن الجراح فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كسرت رباعيته وشج في وجهه وقد دخل في وجنته حلقتان من حلق المغفر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " عليكما صاحبكما " يريد طلحة وقد نزف فلم نلتفت إلى قوله قال: وذهبت لأنزع ذلك من وجهه فقال أبو عبيدة: أقسمت عليك بحقي لما تركتني فتركته فكره أن يتناولها بيده فيؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأزم عليها بفيه فاستخرج إحدى الحلقتين ووقعت ثنيته مع الحلقة وذهبت لاصنع ما صنع فقال: أقسمت عليك بحقي لما تركتني قال ففعل مثل ما فعل في