إذا وصل ذلك الشئ إلى محمد صلى الله عليه وسلم. فأما الذي أنزله إلي السماء الدنيا وهو لم يصل بعد إلى محمد عليه السلام، فهذا الكلام لا يصدق فيه. وأما قوله بأنه لما حكم الله تعالى بانزاله على محمد صلى الله عليه وسلم كان ذلك جاريا مجرى ما نزل عليه فهذا أيضا ضعيف، لان إقامة ما لم ينزل عليه مقام النازل عليه مخالف للظاهر.
(والقول الثالث) في تفسير السبع المثاني إنها هي السور التي هي دون الطوال والمئين وفوق المفصل، واختار هذا القول قوم واحتجوا عليه بما روى ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله أعطاني السبع الطوال مكان التوراة، وأعطاني المئين مكان الإنجيل، وأعطاني المثاني مكان الزبور، وفضلني ربى بالمفصل قال الواحدي: والقول في تسمية هذه السور مثاني كالقول في تسمية الطوال مثاني. وأقول إن صح هذا التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا غبار عليه وإن لم يصح فهذا القول مشكل، لأنا بينا أن المسمى بالسبع المثاني يجب أن يكون أفضل من سائر السور، وأجمعوا على أن هذه السور التي سموها بالمثاني ليست أفضل من غيرها، فيمتنع حمل السبع الثماني على تلك السور.
(والقول الرابع) أن السبع المثاني هو القرآن كله، وهو منقول عن ابن عباس في بعض الروايات، وقول طاوس قالوا: ودليل هذا القول قوله تعالى (كتابا متشابها مثاني) فوصف كل القرآن بكونه مثاني ثم اختلف القائلون بهذا القول في أنه ما المراد بالسبع، وما المراد بالمثاني؟ أما السبع فذكر فيه وجوها: أحدها: أن القرآن سبعة أسباع: وثانيها: أن القرآن مشتمل على سبعة أنواع من العلوم. التوحيد، والنبوة، والمعاد، والقضاء، والقضاء والقدر، وأحوال العالم، والقصص، والتكاليف.
وثالثها: أنه مشتمل على الأمر والنهي، والخبر والاستخبار، والنداء، والقسم، والأمثال. وأما وصف كل القرآن بالمثاني، فلأنه كرر فيه دلائل التوحيد والنبوة والتكاليف، وهذا القول ضعيف أيضا، لأنه لو كان المراد بالسبع الثماني القرآن، لكان قوله (والقرآن العظيم) عطفا للشئ على نفسه، وذلك غير جائز.
وأجيب عنه بأنه إنما حسن إدخال حرف العطف فيه لاختلاف اللفظين كقول الشاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام... وليث الكتيبة في المزدحم وأعلم ان هذا وإن كان جائزا لأجل وروده في هذا البيت، الا أنهم أجمعوا على أن الأصل خلافه (والقول الخامس) يجوز أن يكون المراد بالسبع الفاتحة، لأنها سبع آيات، ويكون المراد بالمثاني كل القرآن ويكون التقدير: ولقد آتيناك سبع آيات هي الفاتحة وهي من جملة المثاني الذي هو