تفسير الرازي - الرازي - ج ١٢ - الصفحة ٢٠١
وليس لهما حقيقة معتبرة. ولما بين تعالى ذلك قال بعده * (وللدار الآخرة خير للذين يتقون) * وصد الآخرة بكونها خيرا، ويدل على أن الأمر كذلك حصول التفات بين أحوال الدنيا وأحوال الآخرة في أمور أحدها: أن خيرات الدنيا خسيسة وخيرات الآخرة شريفة بيان أن الأمر كذلك وجوه: الأول: أن خيرات الدنيا ليست إلا قضاء الشهوتين، وهو في نهاية الخساسة، بدليل أن الحيوانات الخسيسة تشارك الإنسان فيه، بل ربما كان أمر تلك الحيوانات فيها أكمل من أمر الإنسان، فإن الجمل أكثر أكلا، والديك والعصفور أكثر وقاعا، والذئب أقوى على الفساد والتمزيق، والعقرب أقوى على الايلام، ومما يدل على خساستها أنها لو كانت شريفة لكان الإكثار منها يوجب زيادة الشرف، فكان يجب أن يكون الإنسان الذي وقف كل عمره على الأكل والوقاع أشرف الناس، وأعلاهم درجة، ومعلوم بالبديهة أنه ليس الأمر كذلك بل مثل هذا الإنسان يكون ممقوتا مستقذرا مستحقرا يوصف بأنه بهيمة أو كلب أو أخس، ومما يدل على ذلك أن الناس لا يفتخرون بهذه الأحوال بل يخفونها، ولذلك كان العقلاء عند الاشتغال بالوقاع يختفون ولا يقدمون على هذه الأفعال بمحضر من الناس وذلك يدل على أن هذه الأفعال لا توجب الشرف بل النقص، ومما يدل على ذلك أيضا أن الناس إذا شتم بعضهم بعضا لا يذكرون فيه إلا الألفاظ الدالة على الوقاع، ولولا أن تلك اللذة من جنس النقصانات، وإلا لما كان الأمر كذلك، ومما يدل عليه أن هذه اللذات ترجع حقيقتها إلى دفع الآلام، ولذلك فإن كل من كان أشد جوعا وأقوى حاجة كان التذاذه بهذه الأشياء أكمل له وأقوى، وإذا كان الأمر كذلك ظهر أنه لا حقيقة لهذه اللذات في نفس الأمر. ومما يدل عليه أيضا أن هذه اللذات سريعة الاستحالة سريعة الزوال سريعة الانقضاء. فثبت بهذه الوجوه الكثيرة خساسة هذه اللذات. وأما السعادات الروحانية فإنها سعادات شريفة عالية باقية مقدسة، ولذلك فإن جميع الخلق إذا تخيلوا في الإنسان كثرة العلم وشدة الانقباض عن اللذات الجسمانية، فإنهم بالطبع يعظمونه ويخدمونه ويعدون أنفسهم عبيدا لذلك الإنسان وأشقياء بالنسبة إليه، وذلك يدل على شهادة الفطرة الأصلية بخساسة اللذات الجسمانية، وكمال مرتبة اللذات الروحانية.
الوجه الثاني: في بيان أن خيرات الآخرة أفضل من خيرات الدنيا، وهو أن نقول: هب أن هذين النوعين تشاركا في الفضل والمنقبة، إلا أن الوصول إلى الخيرات الموعودة في عد القيامة معلوم قطعا. وأما الوصول إلى الخبرات الموعودة في غد الدنيا فغير معلوم بل ولا مظنون، فكم من سلطان قاهر في بكرة اليوم صار تحت التراب في آخر ذلك اليوم، وكم من أمير كبير أصبح في
(٢٠١)
مفاتيح البحث: الأكل (1)، الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور) 2
2 قوله تعالى (فلا تخشوا الناس واخشون) 4
3 قوله تعالى (وكتبنا عليهم فيها) الآية 6
4 قوله تعالى (فمن تصدق به فهو كفارة له) 7
5 قوله تعالى (وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم) 8
6 قوله تعالى (وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه) 9
7 قوله تعالى (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق) 10
8 قوله تعالى (فاحكم بينهم بما أنزل الله) 11
9 قوله تعالى (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) 13
10 قوله تعالى (أفحكم الجاهلية يبغون) الآية 14
11 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء) 15
12 قوله تعالى (فترى الذين في قلوبهم مرض) 16
13 قوله تعالى (ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا) الآية 17
14 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه) الآية 18
15 قوله تعالى (إنما وليكم الله ورسوله) 25
16 قوله تعالى (ومن يتول الله ورسوله) 31
17 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا) 32
18 قوله تعالى (وإذا ناديتم إلى الصلاة) 33
19 قوله تعالى (قل هل أنبئكم بشر من ذلك) 35
20 قوله تعالى (وإذا جاؤكم قالوا آمنا) الآية 38
21 قوله تعالى (وترى كثيرا منهم يسارعون في الاثم والعدوان) الآية 39
22 قوله تعالى (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم) الآية 40
23 قوله تعالى (ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم) 46
24 قوله تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) الآية 48
25 قوله تعالى (يا أهل الكتاب لستم على شئ) 50
26 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون) الآية 51
27 قوله تعالى (لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل) 54
28 قوله تعالى (وحسبوا أن لا تكون فتنة) 56
29 قوله تعالى (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم) الآية 59
30 قوله تعالى (أفلا يتوبون إلى الله) الآية 60
31 قوله تعالى (أنظر كيف نبين لهم الآيات) 61
32 قوله تعالى (قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم) الآية 62
33 قوله تعالى (لعن الذين كفروا) الآية 63
34 قوله تعالى (ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) 64
35 قوله تعالى (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود) الآية 65
36 قوله تعالى (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول) الآية 67
37 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) الآية 69
38 قوله تعالى (وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا) الآية 72
39 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 73
40 قوله تعالى (فكفارته إطعام عشرة مساكين) الآية 74
41 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر) الآية 79
42 قوله تعالى (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء) الآية 80
43 قوله تعالى (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا) الآية 82
44 قوله تعالى (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) 83
45 قوله تعالى (ليبلونكم الله بشئ من الصيد) 85
46 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) الآية 86
47 قوله تعالى (أحل لكم صيد البحر وطعامه) 97
48 قوله تعالى (جعل الله الكعبة البيت الحرام) الآية 99
49 قوله تعالى (اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم) الآية 102
50 قوله تعالى (ما على الرسول إلا البلاغ 103
51 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) 104
52 قوله تعالى (ما جعل الله من بحيرة) 108
53 قوله تعالى (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول) الآية 110
54 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم) الآية 111
55 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم) 113
56 قوله تعالى (اثنان ذوا عدل منكم) الآية 114
57 قوله تعالى (فان عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما) 119
58 قوله تعالى (يوم يجمع الله الرسل) الآية 121
59 قوله تعالى (قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب) 122
60 قوله تعالى (إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أذكر نعمتي عليك) الآية 124
61 قوله تعالى (وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير باذني) 126
62 قوله تعالى (وإذ كففت بني إسرائيل عنك) الآية 127
63 قوله تعالى (إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم) 128
64 قوله تعالى (قالوا نريد أن نأكل منها) 130
65 قوله تعالى (قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء) 131
66 قوله تعالى (قال الله اني منزلها عليكم) 132
67 قوله تعالى (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني) 133
68 قوله تعالى (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به) 135
69 قوله تعالى (إن تعذبهم فإنهم عبادك) 136
70 قوله تعالى (قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم) الآية 137
71 قوله تعالى (لله ملك السماوات والأرض) 139
72 سورة الانعام 141
73 قوله تعالى (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض) الآية 141
74 قوله تعالى (هو الذي خلقكم من طين) 152
75 قوله تعالى (وهو الله في السماوات وفي الأرض) الآية 154
76 قوله تعالى (وما تأتيهم من آية من آيات ربهم) الآية 157
77 قوله تعالى (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن) الآية 158
78 قوله تعالى (ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس) الآية 160
79 قوله تعالى (وقالوا لولا أنزل عليه ملك) 161
80 قوله تعالى (ولقد استهزئ برسل من قبلك) 162
81 قوله تعالى (قل سيروا في الأرض) الآية 163
82 قوله تعالى (قل لمن ما في السماوات والأرض) الآية 164
83 قوله تعالى (وله ما سكن في الليل والنهار) 167
84 قوله تعالى (قل أغير الله أتخذ وليا) الآية 168
85 قوله تعالى (من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه) الآية 170
86 قوله تعالى (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو) الآية 171
87 قوله تعالى (وهو القاهر فوق عباده) 173
88 قوله تعالى (قل أي شئ أكبر شهادة قل الله) الآية 175
89 قوله تعالى (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم 179
90 قوله تعالى (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) الآية 180
91 قوله تعالى (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا) 182
92 قوله تعالى (ومنهم من يستمع إليك) 185
93 قوله تعالى (وهم ينهون عنه وينأون عنه) 189
94 قوله تعالى (ولو ترى إذ وقفوا على النار) 190
95 قوله تعالى (بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل) الآية 193
96 قوله تعالى (وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين) الآية 195
97 قوله تعالى ((قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله) 196
98 قوله تعالى (وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو) الآية 200
99 قوله تعالى ((قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون) الآية 203
100 قوله تعالى (ولقد كذبت رسل من قبلك) الآية 206
101 قوله تعالى (وإن كان كبر عليك إعراضهم) الآية 207
102 قوله تعالى (إنما يستجيب الذين يسمعون) الآية 209
103 قوله تعالى (وما من دابة في الأرض ولا طائر) الآية 211
104 قوله تعالى (والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات) الآية 220
105 قوله تعالى (قل أرأيتم إن أتاكم عذاب الله) 222
106 قوله تعالى (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك) 224
107 قوله تعالى (فلما نسوا ما ذكروا به) الآية 225
108 قوله تعالى (فقطع دابر القوم الذين ظلموا) 226
109 قوله تعالى (قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم) الآية 227
110 قوله تعالى (قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة) الآية 228
111 قوله تعالى (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين) الآية 229
112 قوله تعالى (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله) الآية 230
113 قوله تعالى (وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم) 232
114 قوله تعالى (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) الآية 233
115 قوله تعالى (وكذلك فتنا بعضهم ببعض) 237