المراد يا حسرتنا على ما فرطنا في الساعة، والمعنى: على ما فرطنا في إعداد الزاد للساعة وتحصيل الأهبة لها. والثالث: أن تعود الكناية إلى معنى ما في قوله * (ما فرطنا) * أي حسرتنا على الأعمال والطاعات التي فرطنا فيها. والرابع: قال محمد بن جرير الطبري: الكناية تعود إلى الصفقة لأنه تعالى لما ذكر الخسران دل ذلك على حصول الصفقة والمبايعة. ثم قال تعالى: * (وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم) * فاعلم أن المراد من قولهم يا حسرتنا على ما فرطنا فيها إشارة إلى أنهم لم يحصلوا لأنفسهم ما به يستحقون الثواب، وقوله * (وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم) * إشارة إلى أنهم حصلوا لأنفسهم ما به استحقوا العذاب العظيم، ولا شك أن ذلك نهاية الخسران. قال ابن عباس: الأوزار الآثام والخطايا قال أهل اللغة الوزر الثقل وأصله من الحمل يقال وزرت الشيء أي حملته أزره وزرا، ثم قيل للذنوب أوزار لأنها تثقل ظهر من عملها، وقوله * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * (فاطر: 18) أي لا تحمل نفس حاملة. قال أبو عبيدة: يقال للرجل إذا بسط ثوبه فجعل فيه المتاع أحمل وزرك وأوزار الحرب أثقالها من السلاح ووزير السلطان الذي يزر عنه أثقال ما يسند إليه من تدبير الولاية أي يحمل. قال الزجاج: وهم يحملون أوزارهم أي يحملون ثقل ذنوبهم، واختلفوا في كيفية حملهم الأوزار فقال المفسرون: إن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله شيء هو أحسن الأشياء صورة وأطيبها ريحا ويقول: أنا عملك الصالح طالما ركبتك في الدنيا فاركبني أنت اليوم فذلك قوله * (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا) * (مريم: 85) قالوا ركبانا وأن الكافر إذا خرج من قبره استقبله شيء هو أقبح الأشياء صورة وأخبثها ريحا فيقول: أنا عملك الفاسد طالما ركبتني في الدنيا فأنا أركبك اليوم فذلك قوله * (وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم) * وهذا قول قتادة والسدي. وقال الزجاج: الثقل كما يذكر في المنقول، فقد يذكر أيضا في الحال والصفة يقال: ثقل على خطاب فلان، والمعنى كرهته فالمعنى أنهم يقاسون عذاب ذنوبهم مقاساة ثقل ذلك عليهم. وقال آخرون: معنى قوله * (وهم يحملون أوزارهم) * أي لا تزايلهم أوزارهم كما تقول شخصك نصب عيني أي ذكرك ملازم لي. ثم قال تعالى: * (ألا ساء ما يزرون) * والمعنى بئس الشيء الذي يزرونه أي يحملونه والاستقصاء في تفسير هذا اللفظ مذكور في سورة النساء في قوله * (وساء سبيلا) * (سورة النساء: 22).
(١٩٩)