أدخلت الواو مع اللام التي في قوله: * (ولنجعلك آية للناس) * وهو بمعنى كي لان في دخولها في كي وأخواتها دلالة على أنها شرط لفعل بعدها، بمعنى: ولنجعلك كذا وكذا فعلنا ذلك، ولو لم تكن قبل اللام أعني لام كي واو كانت اللام شرطا للفعل الذي قبلها، وكان يكون معناه: وانظر إلى حمارك، لنجعلك آية للناس. وإنما عنى بقوله: * (ولنجعلك آية) * ولنجعلك حجة على من جهل قدرتي، وشك في عظمتي، وأنا القادر على فعل ما أشاء من إماتة وإحياء، وإفناء وإنشاء، وإنعام وإذلال، وإقتار وإغناء، بيدي ذلك كله، لا يملكه أحد دوني، ولا يقدر عليه غيري.
وكان بعض أهل التأويل يقول: كان آية للناس بأنه جاء بعد مائة عام إلى ولده وولد ولده شابا وهم شيوخ. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا قبيصة بن عقبة، عن سفيان، قال: سمعت الأعمش يقول: * (ولنجعلك آية للناس) * قال: جاء شابا وولده شيوخ.
وقال آخرون: معنى ذلك أنه جاء وقد هلك من يعرفه، فكان آية لمن قدم عليه من قومه. ذكر من قال ذلك:
حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: رجع إلى أهله، فوجد داره قد بيعت وبنيت، وهلك من كان يعرفه، فقال: اخرجوا من داري!
قالوا: ومن أنت؟ قال: أنا عزير. قالوا: أليس قد هلك عزير منذ كذا وكذا؟ قال: فإن عزيرا أنا هو، كان من حالي وكان. فلما عرفوا ذلك، خرجوا له من الدار ودفعوها إليه.
والذي هو أولى بتأويل الآية من القول، أن يقال: إن الله تعالى ذكره، أخبر أنه جعل الذي وصف صفته في هذه الآية حجة للناس، فكان ذلك حجة على من عرفه من ولده وقومه ممن علم موته، وإحياء الله إياه بعد مماته، وعلى من بعث إليه منهم.
القول في تأويل قوله تعالى: * (وانظر إلى العظام كيف ننشزها) *.
قد دللنا فيما مضى قبل على أن العظام التي أمر بالنظر إليها هي عظام نفسه وحماره، وذكرنا اختلاف المختلفين في تأويل ذلك وما يعني كل قائل بما قاله في ذلك بما أغنى عن إعادته.
وأما قوله: * (كيف ننشزها) * فإن القراء اختلفت في قراءته، فقرأ بعضهم: * (وانظر