موضوع. فلما كان الفتح، استعمل عتاب بن أسيد على مكة، وكانت بنو عمرو بن عمير بن عوف يأخذون الربا من بني المغيرة وكانت بنو المغيرة يربون لهم في الجاهلية، فجاء الاسلام ولهم عليهم مال كثير. فأتاهم بنو عمرو يطلبون رباهم، فأبى بنو المغيرة أن يعطوهم في الاسلام، ورفعوا ذلك إلى عتاب بن أسيد، فكتب عتاب إلى رسول الله (ص)، فنزلت: * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) * إلى: * (ولا تظلمون) *، فكتب بها رسول الله (ص) إلى عتاب وقال: إن رضوا وإلا فآذنهم بحرب. قال ابن جريج، عن عكرمة قوله: * (اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا) *. قال: كانوا يأخذون الربا على بني المغيرة يزعمون أنهم مسعود وعبد يا ليل وحبيب وربيعة بنو عمرو بن عمير، فهم الذين كان لهم الربا على بني المغيرة، فأسلم عبد يا ليل وحبيب وربيعة وهلال ومسعود.
حدثني يحيى بن أبي طالب، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا جويبر، عن الضحاك في قوله: * (اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين) * قال: كان ربا يتبايعون به في الجاهلية، فلما أسلموا أمروا أن يأخذوا رؤوس أموالهم.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) * يعني جل ثناؤه بقوله: * (فإن لم تفعلوا) * فإن لم تذروا ما بقي من الربا.
(واختلف القراء في قراءة قوله: * (فأذنوا بحرب من الله ورسوله) * فقرأته عامة قراء أهل المدينة: * (فأذنوا) * بقصر الألف من فأذنوا وفتح ذالها، بمعنى وكونوا على علم وإذن.
وقرأه آخرون وهي قراءة عامة قراء الكوفيين: فآذنوا بمد الألف من قوله: فآذنوا وكسر ذالها، بمعنى: فآذنوا غيركم، أعلموهم وأخبروهم بأنكم على حربهم.
وأولى القراءتين بالصواب في ذلك، قراءة من قرأ: * (فأذنوا) * بقصر ألفها وفتح ذالها، بمعنى: اعلموا ذلك واستيقنوه، وكونوا على إذن من الله عز وجل لكم بذلك. وإنما اخترنا ذلك، لان الله عز وجل أمر نبيه (ص) أن ينبذ إلى من أقام على شركه الذي لا يقر على المقام عليه، وأن يقتل المرتد عن الاسلام منهم بكل حال إلا أن يراجع الاسلام، أذنه