* (بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين) * وهذا إخبار من الله عز وجل عمن أدى أمانته إلى من ائتمنه عليها اتقاء الله ومراقبته عنده. فقال جل ثناؤه: ليس الامر كما يقول هؤلاء الكاذبون على الله من اليهود، من أنه ليس عليهم في أموال الأميين حرج ولا إثم، ثم قال بلى، ولكن من أوفى بعهده واتقى، يعني ولكن الذي أوفى بعهده، وذلك وصيته إياهم، التي أوصاهم بها في التوراة من الايمان بمحمد (ص) وما جاءهم به. والهاء في قوله: * (من أوفى بعهده) * عائدة على اسم الله في قوله: * (ويقولون على الله الكذب) * يقول: بلى من أوفى بعهد الله الذي عاهده في كتابه، فآمن بمحمد (ص) وصدق به. بما جاء به من الله من أداء الأمانة إلى من ائتمنه عليها، وغير ذلك من أمر الله ونهيه، و * (واتقى) * يقول: واتقى ما نهاه الله عنه من الكفر به وسائر معاصيه التي حرمها عليه، فاجتنب ذلك مراقبة وعيد الله، وخوف عقابه * (فإن الله يحب المتقين) * يعني: فإن الله يحب الذين يتقونه فيخافون عقابه، ويحذرون عذابه، فيجتنبون ما نهاهم عنه، وحرمه عليهم، ويطيعونه فيما أمرهم به. وقد روي عن ابن عباس أنه كان يقول: هو اتقاء الشرك.
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: * (بلى من أوفى بعهده واتقى) * يقول: اتقى الشرك، * (إن الله يحب المتقين) * يقول: الذين يتقون الشرك.
وقد بينا اختلاف أهل التأويل في ذلك والصواب من القول فيه بالأدلة الدالة عليه فيما مضى من كتابنا بما فيه الكفاية عن إعادته.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) *