يعني بقوله: * (لا تظلمون) * بأخذكم رؤوس أموالكم التي كانت لكم قبل الارباء على غرمائكم منهم دون أرباحها التي زدتموها ربا على من أخذتم ذلك منه من غرمائكم، فتأخذوا منهم ما ليس لكم أخذه، أو لم يكن لكم قبل. * (ولا تظلمون) * يقول: ولا الغريم الذي يعطيكم ذلك دون الربا الذي كنتم ألزمتموه من أجل الزيادة في الاجل يبخسكم حقا لكم عليه فيمنعكموه، لان ما زاد على رؤوس أموالكم، لم يكن حقا لكم عليه، فيكون بمنعه إياكم ذلك ظالما لكم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك كان ابن عباس يقول وغيره من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: * (وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون) * فتربون، * (ولا تظلمون) * فتنقصون.
وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
* (فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) * قال: لا تنقصون من أموالكم، ولا تأخذون باطلا لا يحل لكم.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون) * يعني جل ثناؤه بذلك: وإن كان ممن تقبضون منه من غرمائكم رؤوس أموالكم ذو عسرة، يعني معسرا برؤوس أموالكم التي كانت لكم عليهم قبل الارباء، فأنظروهم إلى ميسرتهم. وقوله: * (ذو عسرة) * مرفوع بكان، فالخبر متروك، وهو ما ذكرنا، وإنما صلح ترك خبرها من أجل أن النكرات تضمر لها العرب أخبارها، ولو وجهت كان في هذا الموضع إلى أنها بمعنى الفعل المكتفي بنفسه التام، لكان وجها صحيحا، ولم يكن بها حاجة حينئذ إلى خبر. فيكون تأويل الكلام عند ذلك: وإن وجد ذو عسرة من غرمائكم برؤوس أموالكم، فنظرة إلى ميسرة.
وقد ذكر أن ذلك في قراءة أبي بن كعب: وإن كان ذا عسرة بمعنى: وإن كان الغريم ذا عسرة فنظرة إلى ميسرة. وذلك وإن كان في العربية جائزا فغير جائزة القراءة به عندنا بخلافه خطوط مصاحف المسلمين.