القول في تأويل قوله تعالى:
* (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مئة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مئة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شئ قدير) *.
يعني تعالى ذكره بقوله: * (أو كالذي مر على قرية) * نظير الذي عنى بقوله: * (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه) * من تعجيب محمد (ص) منه. وقوله: * (أو كالذي مر على قرية) * عطف على قوله: * (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه) *. وإنما عطف قوله: * (أو كالذي) * على قوله: * (إلى الذي حاج إبراهيم في ربه) * وإن اختلف لفظاهما، لتشابه معنييهما، لان قوله: * (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه) * بمعنى: هل رأيت يا محمد كالذي حاج إبراهيم في ربه، ثم عطف عليه بقوله: * (أو كالذي مر على قرية) * لان من شأن العرب العطف بالكلام على معنى نظير له قد تقدمه وإن خالف لفظه لفظه. وقد زعم بعض نحويي البصرة أن الكاف في قوله: * (أو كالذي مر على قرية) * زائدة، وأن المعنى: ألم ترى إلى الذي حاج إبراهيم، أو الذي مر على قرية. وقد بينا فيما مضى أنه غير جائز أن يكون في كتاب الله شئ لا معنى له بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
واختلف أهل التأويل في الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها، فقال بعضهم: هو عزير. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب: * (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها) * قال:
عزير.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا أبو خزيمة، قال:
سمعت سليمان بن بريدة في قوله: * (أو كالذي مر على قرية) * قال: هو عزير حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد، عن قتادة: * (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها) * قال: ذكر لنا أنه عزير.