فتأويل الآية إذا: * (وإن تبدوا ما في أنفسكم) * أيها الناس، فتظهروه * (أو تخفوه) * فتنطوي عليه نفوسكم، * (يحاسبكم به الله) * فيعرف مؤمنكم تفضله بعفوه عنه، ومغفرته له، فيغفره له، ويعذب منافقكم على الشك الذي انطوت عليه نفسه في وحدانية خالقه ونبوة أنبيائه.
القول في تأويل قوله تعالى: * (والله على كل شئ قدير) *.
يعني بذلك جل ثناؤه: والله عز وجل على العفو عما أخفته نفس هذا المؤمن من الهمة بالخطيئة، وعلى عقاب هذا الكافر على ما أخفته نفسه من الشك في توحيد الله عز وجل، ونبوة أنبيائه، ومجازاة كل واحد منهما على كل ما كان منه، وعلى غير ذلك من الأمور قادر. القول في تأويل قوله تعالى:
* (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) * يعني بذلك جل ثناؤه: صدق الرسول، يعني رسول الله (ص)، فأقر * (بما أنزل إليه) * يعني بما أوحي إليه من ربه من الكتاب، وما فيه من حلال وحرام، ووعد ووعيد، وأمر ونهي، وغير ذلك من سائر ما فيه من المعاني التي حواها. وذكر أن رسول الله (ص) لما نزلت هذه الآية عليه قال: يحق له.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: * (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه) * وذكر لنا أن نبي الله (ص) لما نزلت هذه الآية قال: ويحق له أن يؤمن.
وقد قيل: إنها نزلت بعد قوله: * (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير) * لان المؤمنين برسول الله من أصحابه، شق عليهم ما توعدهم الله به من محاسبتهم على ما أخفته نفوسهم، فشكوا ذلك إلى النبي (ص)، فقال لهم رسول الله (ص): لعلكم تقولون سمعنا وعصينا كما قالت بنو